رواية " الرفيقة وداد " ، تأليف عماد محمود الأمين ، والتي صدرت عن
You are here
قراءة كتاب الرفيقة وداد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- ألله يبارك فيك ياوداد.لقد كان النّاس يحتفلون في بيتنا البارحة، وأنا لم أكن أفكّر إلّا فيكِ.
- حقاً؟
نظر إليها نظرة عتب رداًٍ على نبرة الشّكِّ في كلامها، فتبسّمت بهدوئها المعهود، وجرّته من يده باتّجاه صخرتهما الكبيرة المشرفة بجبْروتٍ وعنفوانٍ على القرية، كنُصُب أبي الهول، واستظلّا بها، جذبها نحوه فمالت بوجهها لتسمحَ له فقط أن يسرقَ القبلة من خدّها، مُبعدةً إيّاه بكتفها، فالوقت لم يحن بعد للذّهاب أبعد من ذلك، فأمسك يدها النّحيفة النّاعمة بشغفٍ وقال بضحكةٍ خافتة:
- انظري كم هي جميلةٌ ضيعتنا، كنتُ ألعنها البارحة لبعدها عن العاصمة.
- أعتقد أنّها أجمل قرية.
ثمَّ أردفت:
- وما أدرانا، فنحن بالكاد نعرف القرى القريبة، أتعرف بماذا أشبّهها؟
- قولي.
- أراها وسط التّلال تحيط بها من كلِّ صوب كجرنٍ مستطيلٍ مُقفل، فنحن بالكاد نستطيع رؤية الممرّين الضّيّقيْن في أعلى الوادي وأسفلها حيث تعبر الطّريق.
- معكِ حق، كم أنت دقيقة الملاحظة يا وداد، مع أنّني أرى ذاك الممرَّ في الأعلى أوسع بكثير ممّا تريْنه، وكأنّه امتدادٌ للتّلال الخضر حوله. والآن، قولي لي هل أنتِ سعيدةٌ باقتراب تحقيق حلمنا؟
- البارحة، حين عرفتُ بنجاحك شعرت بأنَّ قلبي قفز من مكانه من شدّة الفرح. وكم كان بودّي لو أذهب إليك وأهنّئك، ولكنّك تعرفُ ما كان ليقولَه النّاس.
رسما تفاصيل حياتهما الواعدة كأنّهما عصفوران يجمعان القشَّ لينسجا عشّهما فوق أغصان شجرة البطم، وتعاهدا ألّا يفترقان أبداً، وأن يبقيا أوفياء لحبّهما ما حييا.
لم يمضِ شهرٌ حتّى عُيّن ابراهيم مدرّساً في قريةٍ تبعد عدّة كيلومترات عن فطر. فالقانون حينها كان يفرض على المعلّمين أن يبدأوا التّدريس خارج قراهم. وكان ابراهيم يدرّس كلَّ الصّفوف وكلَّ المواد، مع أنَّ شغفه بالأدب العربي والشّعر، الموروث من أبيه، جعلاه يولي هذه الحصّة أهميّةً خاصّة. وبعد سنةٍ استطاع الانتقال إلى فطر.