أنت هنا

$3.99
إضاءات نيتشوية - منسيات فاضحة

إضاءات نيتشوية - الجزء الثاني

المؤلف:

5
Average: 5 (1 vote)

تاريخ النشر:

2013

isbn:

978-9953-71-922-1
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب "إضاءات نيتشوية - منسيات فاضحة ج 2"؛ كنت أفضّل أن أترك هذا الكتاب بدون مقدمة أو استهلال، لا لأكسر القاعدة المتبعة في تأليف الكتب، وليس لأني لم أجد داعياً أصلاً، التمهيد لما تجب قراءته رأساً، بدون مقدمات كتلك التي من شأنها أنْ تُفسد على القارىء متعة استكشاف مجاهل نصٍّ مباغت، لا أحبّذ سرد قصّته، ولا أفهم الجدوى مِنْ اختصاره في ملمح سريع، أو صورة مبتسرة، لن تفي النصّ حقّه بالتأكيد. فكيف مع هذه الحال، إذا كان الكتاب كلّه عبّارة عن نصوص متنوّعة، لا رابط فيما بينها سوى الروح التي زفرت آلامها، عبر شذرات ساخطة، مشاكسة. رامت إلى التطهر مِنْ قهر غصّة مرّة، أصابت أفراداً مثلي، شردوا عن السرب، بعد أنْ ملّوا السير بهدى غرائز القطعان، فآثروا التفرّد في التمرّد على استكانة الجماعة المؤمنة بمعتقدات ومبادىء خاوية مِنْ أسباب التقديس والتبجيل عل نحو ما تكبّل به عقل اتباعها المعميون عن النظر الحرّ والجريء إلى ما في حقيقة الشيء... مِنْ شيء طبيعي وواقعي يجب ألّا يُقدّر بمثل ما تسامى عند العامة إلى مصاف ميتافيزيقي، استحال فيه الكلام الزمني، مقدسات لا تُمس، والطلاسم تعويذة شفاء وفرج.
ولأن نيتشه كان ضد كل أصناف المعيارية وتوابعها، استلهمنا حسّ النقد عنده وشياً، وتهكمّه الفلسفي غمزاً، واستعرنا منه مطرقة عقله الثقيلة على عقل البسطاء والسذّج، وذلك تلبية لنداء روحه، واستجابة لدعوته كي نستكمل هدم العمارات القيمية الشامخة إلى أعلى مِنْ ناطحات سحاب عصر العولمة.
لم يغدُ نيتشه نبياً، ولم يشأ أنْ يصير داعيته مبشّراً بأي دين، فقرر أن يقوّض بنيان الدين عن بكرة أبيه، بعد أنْ خلُص إلى أنه هو مَنْ يشكل علّة بذاتها أمام أي انطلاقة جديدة، أو بالأحرى، هو العقبة الأساس أمام قيامة إنسان قوي ممتلىء بعنفوان التحدي في حياة زاخرة بكل أنواع المرح والفرح. فالدين عند نيتشه أصل الداء، لأنّه يقترن بدعوات أخلاقية تردع الإنسان عن أهوائه، وتأمره بالتخلّي عن المغامرات المحفوفة بخطر السقوط عن قمم الجـبال، ويموت. فالأديان فرضت على الإنسان أن يعيش تحت... أن يقبع في القعر خوفاً على حياته، لتغدو حياته كلها بدون قيمة وبلا معنى...، هل من معنى لكائن يرتعد خوفاً مِنْ الإقدام على مغامرة النبش والتمرّد، والثورة والمشاكسة وكل ما يحقّق كينونة إنسان أفضل، هذا إن صعد إلى فوق ونظر مِنْ هناك إلى الناس واهتمامهم بقضايا، تغدو صغائر لا طعم لها قياساً إلى مذاق النجاح في الوصول إلى الأعالي، حيث يستوي فيها إنسانه جنباً إلى جنب مع آلهة لا يخافون ولا يأبهون طالما أنّهم خلّاقون.
لم يقصد نيتشه ديناً بعينه، ولا هو ضد الدين كدين، انما كان ضد مفاعيله النفسية والسلوكية على إنسان صار خائفاً خانعاً، لمشيئة قدر إلهي متحكم بمصير كائنات مستلبة خوفاً مِنْ ألّا يرضى الإله على جموع المؤمنين بواجب طاعته، الشاكرين على نعم رضاه صبحاً ومساءً.