أنت هنا

قراءة كتاب وكان ابنه الثمن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وكان ابنه الثمن

وكان ابنه الثمن

كتاب "وكان ابنه الثمن"، ليس الحلقة الأولى في مسلسل كتاباتي، قد تكون الأخيرة، لأن يد الزمن ثقيلة وهي تدق على باب العمر، وهمسة التعارف هذه، ليست بطاقة شخصيّة، فتاريخ الولادة، ومكان السكن، ورقم الهاتف، والفاكس، والحالة الشخصية، وعدد الأولاد، ولون الشعر، أو الع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 2
أحلام سائبة
 
إستيقظ قارون الأخير، الحفيد التسعمائة بعد الألف لقارون الأول، أغنى أغنياء البشر، على دقات شديدة على باب قصره المتواضع، فهب من فراشه مذعورا وهرول إلى الباب ليرى هذا الطارق الذي يكاد يكسر الباب في ساعات الصباح الأولى، عندما فتح الباب وجد أمامه رجال الشرطة الذين أبلغوه أنه مقبوض عليه، وجروه بثياب النوم كما يجر المجرمون واللصوص إلى مركز الشرطة، حيث استقبله ضابط الشرطة استقبال الأغنياء، وقدم له فنجان قهوة مع اعتذاره عن اقتحام قصره العظيم لكثرة المشتكين، وأنه مرغم على تنفيذ الأوامر الصادرة من فوق.
 
بعد أن اكتمل التحقيق معه أطلق سراحه،وعند انعقاد المحكمة، أسهب الادعاء بسرد التهم التي تدور كلها حول التهرب من دفع الضرائب والاغتصاب، طلب قارون الأخير مواجهة المشتكين الواحد بعد الآخر، فنودي على المشتكي الأول.
 
تقدم موظف ضريبة الدخل وقال «إن قارون الأخير لم يدفع ضريبة دخل، منذ أن وضع يده على الأموال التي انتقلت اليه من قارون إلى قارون حتى قارون الأخير، وتقدر الضريبة وحدها بملايين الليرات».
 
اصطبغ وجه القاضي بملامح الموت وأصبح جافا كقطعة صفيح، ثم طلب المشتكي الثاني، فتقدم موظف ضرائب العقارات وقال «إن قارون الأخير كما أنه يخفي أموله المنقولة، يخفي أيضا أمواله غير المنقولة، كي يتهرب من الضريبة التي تقدر بملايين الليرات».
 
ازداد وجه القاضي موتا وتصلبا، وصار كحجر صوان يقدح نارا، ونودي على المشتكي الثالث.
 
تقدمت فتاة في غاية الجمال، ما أن وقعت عينا القاضي عليها، حتى ارتاحت أساريره ودبت الحيوية في وجهه ونسي أنه قاض، وغرز نظره في جسمها غير مكترث بالادعاء أو الدفاع أو أي من الحضور، قالت الفتاة «أنا ممثلة لرئيس البلدية وأمينة سره أكثر من زوجته، وقد فوضني لأقول للمحكمة الموقرة، إن قارون الأخير منذ ولادته لم يدفع ثمن مياه شرب أو ري أو عوائد عامة مفروضة بموجب القانون، أو ضريبة مجار أو غرامات سير للبلدية، وهي مبالغ طائلة متراكمة منذ عشرات السنين تقدر بملايين الليرات».
 
ازدادت عينا القاضي اتساعا من الدهشة وكادت الدمعة أن تفر منهما، فقال بتأثر المجروح:
 
«ألهذا المستوى وصل أغنياؤنا، يأكلون ويشربون ويفرزون على حساب الناس البسطاء» ونودي على المشتكي التالي:
 
تقدم شاب، عرف عن نفسه أنه عامل اجتماعي وقال «إن قارون الأخير استغل مركزه الاجتماعي وثروته التي تقدر بالملايين، واغتصب كل النساء اللواتي يعملن في قصره، بعد ذلك طردهن إِمّا بفضيحة أو بتهمة، وكانت آخر ضحاياه عاملة ظلَّ يطاردها شهورا وهي تقاومه، وعندما ضعفت اغتصبها انتقاما منها لعنادها وتعنتها أمام زميلاتها، وهددها أنه سيلاحقها أينما ذهبت إن هي اشتكته».
 
لم يعلق القاضي على شهادة الشاب، ونودي على المشتكي الثاني، بينما ظلت نظراته تلاحق المشتكية ممثلة رئيس البلدية، فتقدمت فتاة في العقد الثاني من عمرها، طويلة القامة، خضراء العينين، متمردة النهدين، تلبس أقل ما يمكن لتكشف أكثر ما يمكن وقالت «إن قارون أقلّها صدفة في سيارته لسفرة طويلة وحاول أن يقبلها فلم تقاوم لأنها ظنت أن القبلة أبوية أو أخوية، لكنه أدخل لسانه في فمها فكادت تختنق من رائحة فمه».
 
وبعد أن استمع القاضي إلى المشتكين ثم إلى المرافعة والدفاع، سأل القاضي قارون الأخير:
 
مراعاة لمركزك ولمكانتك أخيّرك بين سجن يقع في السهول الخضراء حيث الخصوبة والمناظر الجميلة، أو سجن في قلب الصحراء حيث الخيال الواسع وحرية الأفكار والأحلام غير المراقبة أو على شاطئ البحر حيث يسهر العشاق ويطيب السهر.
 
رد قارون وقال:«أرجو لو أعفيتني من السجن واكتفيت بالخدمة الوطنية المجانية، لأنني لست بحاجة إلى المال ولأنني تعودت الحياة الحرة، وتحقيق أحلامي وطموحاتي وقدراتي».
 
أعجب القاضي بطموحه وقناعته وأفكاره وقدراته، وبعث به إلى حيث أراد.

الصفحات