أنت هنا

قراءة كتاب وكان ابنه الثمن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وكان ابنه الثمن

وكان ابنه الثمن

كتاب "وكان ابنه الثمن"، ليس الحلقة الأولى في مسلسل كتاباتي، قد تكون الأخيرة، لأن يد الزمن ثقيلة وهي تدق على باب العمر، وهمسة التعارف هذه، ليست بطاقة شخصيّة، فتاريخ الولادة، ومكان السكن، ورقم الهاتف، والفاكس، والحالة الشخصية، وعدد الأولاد، ولون الشعر، أو الع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 7
آمين
 
جدتي - أطال الله في عمرها - لم تدرس لغات أجنبية أو علوما اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ولم تقرأ تاريخ العرب المجيدعن حروب صلاح الدين أو أدب محمد عبده أوجمال الدين الأفغاني.كل ثقافتها أنها عاصرت جمال عبد الناصر وبكت يوم النكسة ويوم التنحي.
 
وبعدها صارت تشتم أمريكا لأتفه الأسباب.
 
تشتمها أحيانا بسبب وأحيانا بلا سبب.
 
شتمتها عندما سوّقت لنا ثرواتنا المرغوبة والرائجة، وفتحت لها أسواقا في بلادها، تحت رعايتها، متقاسمة معنا ثرواتنا تقاسم الأقطاعي مع الأجير أو السيد مع العبد.
 
شتمتها عندما صنعت لنا استسلاما مدعية أن هذا سلام.
 
وشتمتها عندما صممت لنا إسلامًا وديمقراطية على مقاسها كما يصمم مصمم الأزياء الملابس على الموضة التي يريدها.
 
شتمتها عندما رأت ما يفعله جنودها في العراق.
 
وشتمتها عندما رأت بوش يقرأ الفاتحة مع العرب على حصار الشعب الفلسطيني ويعطي «الأوكي» لسفك الدم الفلسطيني المغموس بالصمت العربي الذي يتردد صداه في القطبين.
 
شتمتها عندما رأت بوش يتناول سيفا عربيا يده من ذهب ويرقص به على الدم الفلسطيني.
 
وشتمتها عندما اخذ الباز بيده متباهيا بكرم العرب، بدمائهم، بثرواتهم، بزعامتهم وبغبائهم، وحتى بطيور السماء الحرة أكثر من نسائهم وشعوبهم، ليصطاد من يريده من أبناء الشعب الفلسطيني، ثم ليزج بها بعد ذلك في غياهب سجن غوانتينامو أو سجن مجيدو أو كتصيعوت.
 
وشتمتها عندما رأت زعماء العرب، يفرشون المنتجعات السياحية بالبسط الحمراء، كي لا يتوسخ حذاء بوش المصنوع من جلودهم برمال الصحراء.
 
وشتمتها عندما صممت لنا سلاما وديمقراطية على مقاسها، كما يصمم مصمم الأزياء الملابس على الموضة التي يريدها.
 
وأنا كعادتي، لا آخذ كلام جدتي على محمل الجد، على اعتبار أنها عجوز بنصف وعي، ولكن لا أرد لها كلامها، احتراما لسنها أولكونها جدتي التي ليس لي غيرها، فأوافقها على شتيمة أمريكا بصمت لا ترتاح له.
 
فتشدني من أذني وتقول:
 
«قل آمين»
 
فأقول وأنا أبتسم «آمين» رغم أني مؤمن أن الشتيمة لا تليق ولا تكفي.

الصفحات