مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا..." موضوع يصبح بالتحديات وهو بحاجة إلى عدة لقاءات وندوات وما لقائنا هذا اليوم إلا بمثابة مدخل إلى المدخل نستعرض فيه بتركيز وعصف ذهني مكثف بعض من مختلف جوانب الموضوع نخصص لها لقاءات و
أنت هنا
قراءة كتاب مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية
الصفحة رقم: 5
تاريخ الإسلام أكثره تاريخ حروب ومعارك
لو استعرضتَ الجانب التاريخي في كتب الدين لوجدتَ أن الأحداث التي تتناولها هي غالباً تتعلق بالمعارك التي انتصر فيها المسلمون. وهذه المعارك وإن كانت مصدر اعتزاز، لما شهدته من بطولات ومن معاني التضامن والشجاعة والدفاع عن الحق، فإن الجانب العسكري هو الذي يرسخ في ذهن التلميذ، فيرتبط الدين عنده بالمواجهات العسكرية والاقتتال. ويخبو أمام الانتصارات العسكرية ما يمثله تاريخ الدين من بطولات فكرية وأخلاقية وأدبية وعلمية. ان التركيز على الانتصارات في المعارك التي لا بد من ذكرها، لا يتفق مع ما يمثله الإسلام من دعوات للسلام والتعارف والتفاهم وإشاعة العدل والإحسان بين الناس. ان رسالة محمد عليه الصلاة والسلام هي من أجل مكارم الأخلاق، ولم يمتدح الله سبحانه وتعالى نبيّه لعبقريته العسكرية وانما امتدح خلقه، إذ قال: وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم (القلم 4).
إن هذا النهج العسكري/ الحربي في تدريس التاريخ الإسلامي متأثر دون ريب في النهج الغربي في تدريس التاريخ. فالمؤرخون المسلمون لم يجعلوا التاريخ سجل معارك وحروب، وإن بقيت إحدى اهتماماتهم. فالطبري وابن الأثير وخاصة ابن خلدون لم يبرزوا الحروب على حساب غيرها من الأحداث التاريخية... ولكن هذا موضوع يحتاج معالجة مستقلة لا يتسع المجال لها في هذا البحث.
- علاقة مادة الدين بسائر مواد التعليم في المدارس:
لا أعلم أن بين برامج تعليم الدين وسائر برامج التعليم ارتباطاً رسمياً. فمعلم الدين لا يهتم غالباً ببرامج المواد الأخرى المقررة للتدريس، والعكس صحيح. وقد لاحظت أن إسهام معلم الدين في اجتماعات المعلمين إسهامٌ لا يذكر... هذا إن حضر معلم الدين هذه الاجتماعات. فكأنما تعليم الدين شأن خاص لا علاقة له بسائر المواد. وما يزال معلم الدين يعتبر أن الغيرة على الدين تتمثل في استقلالية هذه المادة عن غيرها من المواد التعليمية. وهذا الموقف يعود لجهل المعلم بمبدأ التكامل في البرامج التعليمية والتفاعل بينها.
أما في الأنشطة خارج البرامج المقررة، فإن دور معلم الدين فيها محدود جداً غالباً لأنه يعتبر أن الأمر لا يعنيه. ولذلك فإن المدارس تحتفل فقط بقراءة المولد النبوي في ذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام أو الاحتفال بذكرى الأئمة أو الصحابة أو المعارك التي شهدت انتصارات تاريخية باهرة.
أخيراً، إن واضعي االبرامج التعليمية وإن أشاروا الى الترابط والتكامل بين مواد التعليم، فإنهم عملياً لا يطبقون هذا المبدأ عند وضع البرامج عموماً ولا يطبقونه خاصة بالنسبة لتعليم الدين. هذا مع العلم أن في الإسلام ترابطاً واضحاً بين تعاليم الدين وبين المواد التعليمية الأخرى. والأمثلة على ذلك كثيرة خاصة في مواد علم الأحياء والفيزياء، والتربية المدنية، وعلم البيئة والتاريخ. وهذا ما دعى بعض المفكرين المسلمين الى اعتبار جميع المواد التعليمية اسلامية، على أساس أن العلوم كلها ذات اصل واحد وهي كلها بالتالي جزء من الدين.