مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا..." موضوع يصبح بالتحديات وهو بحاجة إلى عدة لقاءات وندوات وما لقائنا هذا اليوم إلا بمثابة مدخل إلى المدخل نستعرض فيه بتركيز وعصف ذهني مكثف بعض من مختلف جوانب الموضوع نخصص لها لقاءات و
قراءة كتاب مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

مدخل إلى التعليم الديني والدراسات الثقافية
الصفحة رقم: 7
الحوار الإسلامي المسيحي
يتميز الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان بحيوية ملفتة للنظر. وقد نتج عن هذا الحوار العديد من الوثائق والمواقف التي يمكن اعتبارها معالم مشرقة على طريق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. ولعل طبيعة المجتمع اللبناني ذي الأديان والطوائف والمذاهب المتعددة هي التي فرضت هذا الحوار، بينما جعلت الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990) نجاح هذا الحوار ضرورة وطنية لا تستقيم الحياة المدنية في لبنان بدونه. ولا يتسع المجال في هذه الورقة للحديث عن هذا الحوار فهو يخرج عن نطاقها المحدد، وانما أتناول وجهاً واحداً من هذا الحوار وهو الجانب التربوي.
منذ بداية عهد الاستقلال والمدارس الخاصة المسيحية والاسلامية تجتمع للتداول في شؤونها المشتركة واتخاذ المواقف التي ترى فيها المصلحة الوطنية العليا. ونظراً لانتشار التعليم الخاص في لبنان في مختلف المراحل وزيادة عدد المدارس الخاصة على عدد المدارس الرسمية لمراحل الروضة والمتوسطة والثانوية، وتساويها في العدد في المرحلة الابتدائية، كان من الطبيعي أن يكون للمواقف التي تجتمع عليها المدارس الخاصة المسيحية والاسلامية أثراً يكاد يكون حاسماً على صعيد لبنان ككل.
ولكن هذه المواقف الموحّدة لم تكن كثيرة، اللهم الا عندما كانت للمطالبة بالمساعدة المالية. والمدارس الاسلامية تطالب بتعزيز المدرسة الحكومية ودعمها وانتشارها وارتفاع مستواها. بينما المدارس الكاثوليكية التي تشكل غالبية المدارس المسيحية في لبنان فتحرص على بقاء المدرسة الخاصة الأقوى والأوسع انتشاراً والأرفع مستوى.
غير أن الحرب الأهلية في لبنان قد دفعت المدارس الى التقارب لرأب الصدع الذي أصاب المجتمع اللبناني أثناء هذه الحرب، ولذلك كانت هناك مبادرات في هذا السبيل. ولعل أهم هذه المبادرات تلك الاجتماعات التي ضمت المسؤولين عن رابطة المدارس الكاثوليكية ومدارس العرفان الدرزية ومدارس الكوثر الشيعية ومدارس المقاصد وغيرها. وكان المسؤولون عن هذه المدارس يتداولون في سبل التقارب في الأعياد والمناسبات الدينية عن طريق تبادل الزيارات بين المسؤولين تارة وبين التلامذة تارة أخرى.
وقد أدى ذلك بلا ريب الى بناء الجسور بين جميع المدارس والى كثير من "التفاهم والتفهُّم". وكان آخر النتائج العملية لهذه اللقاءات اعتماد المدارس كلها في لبنان "عيد البشارة" عيداً وطنياً ابتداءً من عام 2010.
وأما على صعيد العمل الفكري فإن الحوار المسيحي- الاسلامي لم يثمر سوى كتيّب صدر عام 2009 عن الأعياد والمناسبات الدينية، يعرّف بهذه الأعياد والمناسبات. وهذا الانتاج، على أهميته، يقصّر عن المرجو أو المتوقع من الحوار بين المؤسسات المسيحية والاسلامية.