يرمي الكاتب من خلال مجموعته القصصية "حوش الشاي" إلى تخليد الزمان والمكان في مدينة القدس، بسرد أحداث القصص في حارات وأزقة وشوارع البلدة القديمة ,
أنت هنا
قراءة كتاب حوش الشاي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
البيك
البيك، ينظر إلى ساعته، الأزمة خانقة، سنتأخر عن موعدنا، ينفخ الهواء، وكلما مر الوقت ازداد وجهه المستدير احمرارا، وانتفخت رقبته بحيث صار وجهه السمين موصولا مباشرة مع كتفيه ومع عظام الترقوة، ازداد غضبه غضبا عندما أدركه الوقت، وعندما تخيل شكله وهو يدخل على الزعيم متأخراً، صرخ بحراسه: "اذهبوا لاستطلاع الأمر، تحركوا اعملوا شيئا مفيدا".
امتثل حراسه للأمر، وتوجهوا نحو الجمع الغفير؛ فوجئوا بحمار يحاور أحد المارة، والناس ملتفون حوله كأنها تظاهرة ضمت جميع فئات الشعب، حاول الحراس فض الجمع، نجحوا بصعوبة كبيرة، الشاب الذي يحاور الحمار حاول الهرب، فلم ينجح، أمسك به حراس البيك، اعتقلوه، ومن حسن الحظ أن الحمار استطاع الإفلات بأعجوبة، ولم يكن ينجح بالهرب لولا مساعدة بعض الناس...
أما الشاب المعتقل فقد تعرض للتعذيب الشديد، لكي يخبرهم عن سبب تحدثه مع حمار، لكنه أجابهم بحقيقة الأمر دون أن يزيد أو ينقص من حواره مع الحمار، سأله البيك: من قلة البشر تأتي للتحدث مع حمار؟
- وهل الحديث مع الحمير ممنوع حسب القانون، والدستور؟ مع من تريدني أن أتحدث؟ مع العمال المرهقين من بناء المستوطنات وفتح الشوارع للمستوطنين؟
أم تريدني أن أتحدث إلى المعلمين الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، أم مع الأطباء المشغولين في إيجاد طريقة غير موجعة لاستئصال الحق من خاصرة المفاوضات المستعصية؟ أم تريدني التحدث مع المحامين الذين تخلوا عن قسمهم في حماية حقوق المواطنين؟ أم مع التجار الذين لا يهمهم سوى جني الأرباح؟ أم مع النساء اللواتي أصبحن في طوابير لرفع قضايا الخلع من عادات شعبنا وتقاليده البالية؟ أم مع حراسك الذين أنستهم سياطك أنهم كانوا ذات يوم من البشر؟