أنت هنا

قراءة كتاب بيان الفردوس المحتمل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيان الفردوس المحتمل

بيان الفردوس المحتمل

كتاب "بيان الفردوس المحتمل" للكاتب الفلسطيني عبد عنبتاوي، الذي يقول في مقدمته: "ليس هذا التمهيد مُجرّد مُقدِّمَة لولوج النصّ، بل جزء عُضويّ منه وفيه، فهو عُنصر حيويّ ومُؤسِّس من مَضمونه وشكله، من معناه ومَبناه..

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
ولا تَدَّعي هذه الكِتابة أنها خارج مَساحات التأثّر والتأثير، بمنأى عن التقليد والتَّبعية، في الشكل والمَضمون، فهي لا تخلو مِنْ تلاقُحٍ فكريّ، من تفاعُلٍ وحِوارٍ ونقد وتجاوُزٍ واستعارَةٍ ومَجازٍ وتَناصّ.. كَمَا لا تَقِف هذه المادَّة عند حُدود التأمُّلات والمُناقَشات والطروحات الفلسفية، وهي تَتَعَدَّى مُجرَّد عملية إسْدَاء النَّصائِح وتوجيه الوَصايا مِنْ عَلٍ.. كما لا تَدَّعي أفكارُ هذه التأمُّلات أنَّ كُلاًّ منها يُساوي أو يتجاوَز كِتابًا أو أكثر، من حيث الماهيَّة، لكنها لا تنفي ذلك، وهي لا تسعى لأِنْ تَكون شَمال البوصَلَة ويقين اتجاهاتها، ففي أحْشاءِ هذه النُّصوص ثَمَّة قُوَّة تدمير لِذاتها، أو تجاوُزِها..
 
أمّا بعد،
 
تَساءَلتُ مرةً: لِمَ لا أفعل ما يفعله الآخرون، فأعيش في تناسُقٍ مع بيئتي ومجتمعي وعصري وأتقبَّل، في صمتٍ، «عدم التناسُق»، مُتجاهِلاً إِيّاه باعتباره خَطأ صغيرًا في الحِساب الهائل؟!
 
فسُرعان ما أصابني الصُّداع، وعدتُ الى رُشدي، مُتناسِقًا مع ذاتي، مُتناغِمًا مع عقلي، مُبْحِرًا في قلقي، مُنْسَجِمًا بتأمُّلاتي..فقد قررتُ ارتشاف الحياة، واخترتُ مساراتها الطبيعية والحقيقية، حتى آخر قطرة موت..
 
ولا أدّعي هنا التميُّز، ولا أصطنعه، بل لا أُحاوِل ذلك ولا أسعى إليه، إنما أدَّعي مُمَارَسة الحياة التي تستحقها أرض الحياة، لكونها ارض البدايات والنهايات.. وما أكتبُه لكم هو ما أقوله لي، مُمْتَطِيًا صَهْوَة نَصّي، مُبْحِرًا في سَفينةٍ ليست كباقي السفن، فسفينتي لا تبحث عن شَواطِئ الأمان ولا تطمَح لاستقرار الإنسان، لا شَغَف الأُصول ولا فَرح الوصول.. فأنا بحرٌ بِلا شواطِئ حينًا، وشاطِئ بلا مَوانِئ أحيانًا، وقد أمْتَطي العَدَم في سبيل مُلامَسَة المعنى، فليس العدم سوى آخر المعاني وبدايات الغُروب..
 
وتَسَاءَلتُ مِرارًا: لماذا أكتُب ولِمَنْ، سيّما أن الإِرث الإنساني كله آيل للأُفول؟! وهل أكتُب لمجرد البقاء بَحْثًا عن خلودٍ محتمَل؟! وماذا تعنيني العَظَمَة وما حاجتها، وهل هي ضَرورَة حياتية ؟! أمْ أنني أكتب لقراءَة ذاتي ونقدها؟! فسرعان ما انتصبَتْ أفكاري، مُتَلَمِّسًا سبيل الإِجابات بحواسٍ سَبْع..!!

الصفحات