قراءة كتاب الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول

الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول

كتاب "الأعمال القصصية الكاملة- المجلد الأول" يحوي القصص القصيرة، للكاتب المبدع والمناضل الفلسطيني محمود شقير، حيث يعتبر مالكاتب من كُتاب القصة القصيرة المتميزين كما وصفه القائد الفلسطيني الراحل توفيق زيّاد، أن قصص محمود شقير تمتاز عموماً بحب الناس، وبروح ال

تقييمك:
3.5
Average: 3.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
وبالإضافة إلى أن قصص محمود شقير تمتاز عموماً بحب الناس، وبروح الصمود والوعي والتفاؤل الشديد بالمستقبل، فإن قصصه التي كتبها بعد عدوان 1967 والاحتلال الذي أعقبه تتميز بحيوية الأسلوب، وعنف الحركة، والزخم الثوري. ومن ناحية المضمون فإنها تتميز بالغضب المقدس على الاحتلال وجرائمه التي لا حصر لها، وبالإصرار الشعبي الإجماعي على رفض الاحتلال والاستعداد لبذل التضحيات الضرورية للتخلص منه. ولأسباب لا داعي لشرحها، نلتقي هنا باثنتين من قصصه هذه هي «في الطريق إلى البلدة القديمة» و «متى يعود إسماعيل». في الأولى يصور لنا محمود شقير جانباً من اللحظات الأولى للاحتلال. إن «فرج الحافي» بطل «في الطريق إلى البلدة القديمة» يقرر أن يزور المسجد الأقصى، ضارباً عرض الحائط بما سمع من الحكايات المروعة عن الاحتلال والمحتلين، فيركب حماره ويتوجه إلى القدس الشريف. وهنالك يصطدم لأول مرة بجنود الاحتلال أصحاب الرطانة الغريبة، فتتحول زيارته إلى رحلة عذاب فلا يحقق غرضه في «الصلاة ركعتين في بيت الله»، ويعود إلى قريته وإلى جراحه التي سببتها أعقاب البنادق، ولكن كل جراحه تلك تهون أمام الجرح الأكبر: جرح الاحتلال نفسه الذي «يحطم داخله أشياء كثيرة»، ويفجر غضبه المقدس والرغبة الملحة في مقاومة المحتلين.
 
أما في «متى يعود إسماعيل»، فيصور لنا محمود شقير حالة الذعر التي تصيب مجموعة من النسوة والأطفال قبيل وصول المحتلين إلى بلدتهم. ثم كيف تفقد «عائشة» ولدها «اسماعيل» أثناء هرب العائلة من «العيادة» فتكتشف الأمر بعد فوات الأوان، ومع أن «إسماعيل» الصغير الذي لم يتمكن من الصعود إلى السيارة بسبب حالة الذعر أثناء الهرب، يختبىء من الرصاص فوق شجرة. ولكن تصرعه رصاصة فيسقط وينزف دمه حتى يموت. لكن «عائشة» ترفض أن تصدق ذلك. ولا تزال تقعد في بيتها منتظرة عودته، وهي تحكي لإخوته عن ذلك اليوم الرهيب مطمئنة إلى أنه سيعود حتماً. كذلك يكشف لنا محمود في قصته تلك اعتزاز «صفية» بزوجهاالثائر وسلاحه.
 
أما في قصصه التي كتبت قبل 1967 فإن محمود شقير يقدم لنا القرية الفلسطينية بطبيعتها الجميلة وأهلها الطيبين البسطاء، الذين يكدحون بقسوة ويجوعون وهم يحلمون بحياة أفضل يسودها العدل والاكتفاء. وهو يعالج بوعي مسألة التناقضات الاجتماعية بين أغنياء القرية وفقرائها، حيث تحس أن القرية وناسها تحت جلده. وشخصياته التي يرسمها نموذجية تستطيع أن تتعرف إليها في نفسك أو الذين من حولك، وهو يكشف لنا عن طبيعة القهر الطبقي والاجتماعي الذي هو نصيب فقراء الفلاحين، ويغوص في أعماق حياة الفقر المدقع التي يحيونها، والدنيا التي ضاقت في وجوههم، وكيف يتحولون إلى قوة عمل رخيصة في أسواق العمل في المدن. وأنت تشعر بالمكانة الخاصة التي يحتلها هؤلاء العمال في قلب الكاتب الذي يعلق أمله عليهم. إنه يعالج حياتهم ونصيبهم من الشقاء في الحياة، في عدد من قصصه. وهو يضعنا أمام ذروة مأساوية في اليوم الأخير التي تصور حياة الطفل طاهر الذي يقضي نهاره ينتظر والده العامل في المدينة، الذي يعود ليوم واحد في الأسبوع إلى أهله، وهو يحلم بالهدايا التي سيحملها له ولأخيه وأمه.
 
وعندما تحين اللحظة المناسبة، يلبس طاهر ثوبه النظيف ويقعد في طرف القرية ينتظر أباه الذي بدل أن يأتي محملاً بالهدايا، يأتون بجثته محملة في سيارة، بعد أن انقطع به الحبل وسقط عن العمارة التي كان يشتغل في بنائها.
 
وفي قصصه المشار إليها تحس بالحب الجارف الذي يكنه الكاتب للأطفال، فينحت أبطاله من بينهم في كل قصة تقريباً. إنه يدخلنا إلى عالمهم، ويكشف لنا عن قدرهم القاسي، وأحلامهم الرائعة، وتطلعاتهم إلى مجتمع سليم يضمن لهم القوت والفرحة وإمكانية التطور، فتتمنى لو تستطيع أن تحققها لهم بضربة واحدة.
 
وبعد، فأحر التحيات إلى محمود شقير كاتباً ومكافحاً.

الصفحات