كتاب "عشرون"؛ هذه المجموعة هو الإبداع الأول لشاعرة ناشئة تجيد اختيار الكلمات بصورة شفّافة وليس يهمّها القالب الشعري بمقدار ما يهمها المضمون.
أنت هنا
قراءة كتاب عشرون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
مُفرداتُ قلبٍ هاربة
اقلــّبُ بينَ وجوهِ البشر..
بين صفحاتِ الأيام البطيئة, بين أزهار الفصول, بين الأروقة والبيوت..
أقلـّب نفســــي واقلــبّ وريقات فكري, أخطو بتفكيري معالم كثيرة.. أطمح بالعديد, لكن ما ألبث أن أعيد الكتاب إلى مكانه, وأقول : ما زال هناك وقت .. لم يحن الزمان بعد !
أقنع فضولي وثورتي.. أحبس عواطفي بين سجون الكتب والألحان الهادئة..
أهرب من حدث جميل لطيف, أخبئه تحت وسادتي, وأحيانًا داخل جفوني.. أحوله إلى "مصادفة", إلى حلم, إلى حادثة عادية حصلت دون قصد وانتهى الأمر...
ربما, أتلذذ بالتأخير والتغاضي عما أبغيه, أحاول أن أبحث عن خريطة صحيحة تدُلُـــني على الدروب التي أوّدُ عبورها.. ومصادفة أجد نفسي وسط الدرب.. دون خارطة !
أصدفة أم قدر؟!
فأخاف وحشة السبيل, وأعود أدراجي لأقول : ما زال هناك وقت !!
أوصدتُ قلبي بأقفال متينة.. لكني فطنتُ أن "الهواء" يخترق الأقفال, وأن النور يكسر وحشة الظلام دون استئذان أو مقاومة..
أحاول أن أكتب بوضوح أكثر لكن قلمي .. يعود أدراجه إلى أسطري السابقة.. ويمزق كلماتي بخطوط مزعجة متوترة, كبرياء لقلب صاحبته وكرامة ً لمِدادِهِ..
أدرك أن بوسعي الوصول إلى ما أريده وقتما أشاء, ولكني أخاف العودة, أو بالأحرى أخاف مواجهة الحقيقة.
فكما عشقت صوتًا, صداه خافت لطيف طالما ترددت كلماته القليلة في ذهني..
فدائمًا كل قليل له نكهته المميزة.. إن أكثرنا منه فقدَ لذتهُ السحرية..
لقد وقع قلبي أسيرًا بين يدي تمثال.. تمثال حيّ.. أيقنت حديثًا أن باستطاعته التنفس والأكل والتفكير, مثلنا.. لكنه - للأسف- لا يرى ولا يتكلم. هذا ما ظننته! فقد كانت خدعة انطلت عليّ طويلا ..
كان تمثالي "العزيز", يرى ويتكلم. بل ويسمع أيضًا.
كنت كلّما اقتربت منه جسدًا, تسبقني روحي إليه.. كنت أحييه بكلمة ونظرة عطرتهما بسمة.. لتتغذى عينايّ على خطوط وجهه.. كان كوجه طفل كلّلته البراءة.. فعشقت براءته..
وحينما أستودعه.. أرى بريق عينيه لتمثالِ آنسة أخرى.. عبدتْ مصالحها وتباهت بوجوده في حديقتها.. كان في كوّة صدرها قلب صدئ يختبئ, لم يعمّر -ولن يعمّر- ما عمّرته أنا لهذه التحفة الحيّة..
براءتي جعلتني أبتعد عن عالمي.. لأعيش بأوهام مع تمثال.. أنتظر بصمتٍ أن أحظى بأقل ما أستحق.. بأقل ما .. أستحق !
أعشق البحر.. ستتساءلون وما شأن البحر الآن.. لا بل شأنه وشأنه.. بحري الحبيب, الذي تكلف بحمل عبراتي, تكلــّف بأن يقوم بجريمة نيابة عني. طلبت منه أن ينتشل تمثالي عن الشاطئ ويغرقه.. ليحطمه في جوفه, وتتسابق الأسماك على تفتيته.. رغم أنه من حجارة صلبة نتنة..
وليشارك في تشييد قلاع تحت الأرض, ولضحايا المراكب مدافنًا يبني.. ولتأكل الوحوش أضلاعه.
لكني تراجعت عما كنت أخطط.. بل صمّمت على بقائه شامخًا وسط العالم..
لأكون أول شاهدة على تحطمه!.. على كسر كبريائه, وأن أشاهد شموخه المتكبر.. مُلطخًا بسخرية التاريخ!
وحينها.. سأنسى التماثيل كلّها .. وسأبدأ بعشق الأشباح..
30-6-2007