أنت هنا

قراءة كتاب المشوهون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المشوهون

المشوهون

رواية "المشوهون" رواية كتبها الكاتب توفيق فياض ونشرها عام 1963، وخصص بها احداثا جرت في مدينة الناصرة التي تعد العاصمة الثقافية السياسية والاقتصادية للاراضي الفلسطينية وسكانها الذين بقوا تحت نير الاحتلال.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 1
عشرات الطلاب انحدرت في أزقة مدينة الناصرة، لتلتقي جميعها في ذلك الزقاق الترابي، المؤدي الى الحي الشرقي منها، والذي يفصله الشارع الرئيسي عن باقي الأحياء فيها.. ليتقيأهم زرافات متلاحقة في ساحة المدرسة الترابية الضيقة.. تنفصل بعدها إلى حلقات صاخبة مثرثرة، تدل كل منها على أبناء قرية واحدة، أو زملاء جمعتهم سنون دراسة سابقة.
 
أحسست وكأني اختنق في هذا الجو الصاخب من حولي. شعور من الإشفاق راح يعتمل في نفسي نحو أولئك الطلاب الصغار، الذين تضمهم هذه الساحة لأول مرة. نظرات من البله الحائر تشع في أعينهم.
 
تذكرت نفسي عندما جئت من القرية لإتمام تحصيلي الثانوي في هذه المدينة.
 
لم أشعر برغبة في البحث عن أحد زملائي في الصف. إنني أضيق بالتجمهرات. انزويت في أحد أركان الساحة، متكئا على جذع تينة عجوز تقوم هناك. هذه المرة الأولى التي تضمني فيها هذه الساحة. هذا القسم من المدرسة أجمل من القسم الذي تعلمت فيه خلال العامين السابقين.. جميل أن يحمل حي في مدينة طابعا ريفيا.
 
غرفتي لهذا العام أفضل منها في السنة السابقة. كانت قذرة. ستخلو القرى من العاملين في الأرض. لعنت أصحاب المنازل في المدينة. من الصعب أن يعثر الطالب على غرفة يسكنها لهذا العام. يجب أن لا أذهب إلى دار العرض أكثر من مرة خلال الشهر كي أوفر أجر غرفتي. أمقت السكن مع طالب آخر في غرفة واحدة. سيكون ذلك صعبا. بصقت.
 
تذكرت جارتي. إنها رائعة الجمال. كانت تنظر إلي بنوع من الإشفاق، حين كنت أصعد السلم بأمتعتي لأدخلها غرفتي. كنت أشعر بالاشمئزاز من نفسي ومن المدرسة. سئمت التنقل بأمتعتي من غرفة إلى غرفة. إنها الغرفة الرابعة التي أسكنها خلال عامين. هكذا يفعل المشردون. تعدم نفوسهم في الطرقات. شعرت بالغبطة حين رأيت جارتي. من الجميل أن يكون للإنسان جارة حلوة.
 
انتبهت إلى سامي يقترب مني. كان زميلي في المقعد طيلة العام الدراسي السابق. هو الطالب الوحيد الذي أشعر نحوه بشيء من الود. نظرت إليه مبتسما. بسطت له كفي:
 
أهلا سامي
 
أهلا سعيد. هـ.. ما بك تقف وحدك. إننا لم نسمع طنين الجرس لهذه السنة بعد.
 
نظر بخبث ناحية حلقة من الطالبات:
 
آه.. معذرة. نسيت أنك تحب الجمال وأنك ترغب في الصلاة له وحدك. يبدأ الربيع عندنا في الخريف.
 
ضحكت.. ضحك سامي. صمتنا. قال بهدوء:
 
ما أخبارك؟ كيف قضيت العطلة في القرية؟
 
كالعادة.
 
أود لو كنت قرويا. جو المدينة يخنقني. لن يترك الجرس لنا وقتا للصلاة، اللهم إلا إذا كنت تعتبر نفسك في كنيسة.

الصفحات