أنت هنا

قراءة كتاب المشوهون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المشوهون

المشوهون

رواية "المشوهون" رواية كتبها الكاتب توفيق فياض ونشرها عام 1963، وخصص بها احداثا جرت في مدينة الناصرة التي تعد العاصمة الثقافية السياسية والاقتصادية للاراضي الفلسطينية وسكانها الذين بقوا تحت نير الاحتلال.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 7
لقد تعودت لقاءه، ككل الأشياء التي تعودتها في هذه المدينة. أصبح يخيل لي أنني لا أخرج في بعض الأحيان، إلا لألقاه.. تماما كما كان يخيل إلي أحيانا أنني لا أخرج إلا لأمر بتلك المقعدة العمياء في باب قبوها، عند زاوية الزقاق، ولا أسمع رنة ما أضعه في صحنها.
 
لم يكن لي آنذاك من صديق أبادله الود بين جميع الطلاب، حتى سامي لم تتعد صلتي به حد الزمالة في المدرسة. فكرت مرة في التعرف إليه، اعتقادا مني بأنه الإنسان الوحيد الذي يمكن لي أن أتخذ منه صديقا.
 
إستوقفته أمسية، جاعلا من إشعال لفافتي تعلة، غير أنني لم أجد سوى كلمة شكر أقولها له! ولم يدع لي هو فرصة لغير ذلك.. فما كاد يشعل لفافتي حتى كان يتركني متابعا سيره، دون أن يرد على شكري له.
 
نشوة عذبة كانت تغمرني، كلما أشرقت شمس الصباح ذلك الخريف، بعد أن أكون قد قطعت ليلا رهيبا من الوحشة والعزلة.
 
كنت أفزع إلى كتبي، إلا أنني سرعان ما كنت أضيق بها. لتعاود الدقائق زحفها المقيت في كل خلية من جسمي.. فأشعر بدبيب أرجلها الشائكة وهي تمزقها بملايين نتوءاتها، وأحس بألياف جسدي تتمزق، فتحدث نعيبا غريبا لمئات أشياء تتألم.. حتى تشرق الشمس وتتسلل عبر نافذتي، لتغمر وجهي بدفء غدائرها العابقة برائحة الحياة، بعد أن يكون شك في موتها الأبدي قد ساورني.
 
شعور من الاستملاح والنشوة الجنسية، كان يخالطني في البداية كلما رأيت نوار.. بل وشيء من الشعور بالارتياح والرضا أصبح يخالطني لدخولها على حياتي، وأشغال جزء من تفكيري الذي أخذ يكبر يوما بعد يوم. كنت أتعمد ذلك أحيانا بل في كثير منها، لما كنت أشعر به من الراحة النفسية، بعد أن أجتمع بتفكيري فيها، نتف عقلي التائهة في دوامة العدم من حولي.
 
لتتركز جميعها في نوار، وبما يمنحني هذا التفكير من نشوة وارتياح.لم أجد لاهتمامي بها، وما يخالطني من شعور نحوها من تعليل، فألجأ إلى ما أجده من تعليل لمثل ذلك الشعور في الروايات التي كنت قد شغفت بقراءتها. أصبحت أعتقد بأنني أحبها.. وأن ذلك الشعور الغامض من النشوة والقلق في قربها وبعدها، ما هو إلا الحب بعينه.
 
جميل أن يصبح لدى الإنسان إيمان بشيء معين.. لما يشعر به من ارتياح لذلك الإيمان. سرعان ما كنت أنتقل بتفكيري إلى موضوع آخر كلما ساورني الشك في صحة إيماني بذلك الحب لنوار.. فما أن أشعر بدفء الصباح، حتى أترك غرفتي، لأطير إلى جنة أحلامي التي خلقتها لنفسي. وصنعتها من خلال نفسي وتفكيري.

الصفحات