كتاب "يحدث تحت سماء تشرين"، في هذه المجموعة القصصية تذهب رانية إلى التحرش بكثير من القضايا السياسية، التي يبدو بعضها حساسا أو مسكوتا عنه، سواء فيما يتعلق بالحراك الشعبي في الأردن والأقطار العربية الأخرى، أو فيما يتعلق بالفساد والإصلاح، مدينة النهج المضلل ال
أنت هنا
قراءة كتاب يحدث تحت سماء تشرين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
شعرت بأنفاسه وهي تقترب منها، وبيده التي انتهت من وضع البطانية على كتفيها وتسللت لكفها بهدوء، لتحيط كفها - التي يحتلها البرد - بحنان، وهمس:
- مش مهم أنا·
جمد في مكانه، للحظات نسي عمله، وتعلقت أنظاره على كف الشاب التي تحيط كف حبيبته بحنان، شعر بحرارة نبض يحتل أرجاء جسده، وبقيت أنظاره غارقة في المشهد، تيقظ في اللحظة الأخيرة لنفسه، فأخذ نفسا عميقا، هرب بأنظاره من الحبيبين، ووزعها على المعتصمين، وكأنه يستيقظ من إغماءة، والتفت لصوت من خلفه:
- شو مالك؟··· إلي ساعة بحاول أغمزك، إجا دوري؟
- خليني اليوم أكمل عنك·
- يازلمة إنت متجوز روح لأولادك·· إجا دوري·
- لأ أنا باقي·
بقي مصراً أمام استغراب زميله، وعندما بدأ البلطجية يهتفون بهتافات مسيئة للمعتصمين، وأثناء قطع الكهرباء عن الدوار مرات عديدة، كان منشغلا بمتابعة الحبيبين، إذ حرص الشاب على تأمين فتاته بين النساء المعتصمات، وتصدر هو لحماية المعتصمين من الحجارة التي يلقيها البلطجية·
تابعهما في الساعات التي يسود فيها الهدوء، مقتفيا أثر تشابك أنظارهما من بعيد، كانت تجلس إلى حلقة النساء اللواتي أشعلن نارا، ويتجاذبن أطراف الحديث بقلق، بينما كان حبيبها يتناوب مع الشباب لحماية الدوار والمعتصمين·
أمام هذه الأجواء، نسي البرد واستسلم لأفكاره، هدأ إلى نفسه وهو يستعين بسيجارة تؤنسه في غربته التي اكتشفها اليوم، كان يتأمل كفه الغليظة وكأنه يراها للمرة الاولى في حياته·
نفض أنظاره عن كفه كمن استيقظ من كابوس؛ فألقى السيجارة وأطفأها بقدمه وحدج الفتاة بنظرة وكأن بينهما ثأر ما، تنبهت لنظراته، ومن واقع خبرتها ومعرفتها بالمشاركين في الاعتصام؛ كانت تعلم جيدا انه رجل أمن في زي مدني، ولم تدرك سر تلك النظرات وما وراءها، فتبسمت بسخرية، وانتشلت أنظارها من عينيه، وعادت لتكمل حديثها مع رفيقاتها·