قراءة كتاب حورية الماء وبناتها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حورية الماء وبناتها

حورية الماء وبناتها

رواية "حورية الماء وبناتها"، هذا العمل هو الكتاب الأربعون في سلسلة الأعمال الشعرية والروائية التي أصدرها سليم بركات طيلة حياته الإبداعية التي بدأها قبل أكثر من أربعين عاماً ومازال مستمراً في هذا العطاء. رواية ‘حورية الماء وبناتها’، ‘رحلة في سفينة سياحية.

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
خمسة أذيال رمادية صفعت الماءَ، أيضاً، صَفْعاً حُبُوراً· زعانفهن المشقوقة، العريضة، المُخدَّدةُ طولاً كجريد النخلِ، لاحت، في الصَّفْع، خُلْسةً وَمْضاً، ثم غاصتْ· تقوَّسَ الماءُ حَدَباً حَضْناً على الصوت زَلَقتْ بهِ الزعانفُ القوية حلقاتٍ دوائرَ تلحق الضِّيقةُ منها، حول مراكز غَوْصِ الأذيال، بالأكثر سعةً فتتمادى مدًّا حتى امِّحائها في الذي مجثمُها من الماءِ المنسرح، الخامل، عائماً في فضَّتهِ، بنقوش الهواءِ المهذَّبِ ـ هواءِ أيلول·
 
مطالع أعماق بحر تريتونفال، بحرِ الشمال النهائي، رَصْفٌ من أنقاض التماثيل الغارقة في السَّبي الثاني لقبائل المخلوقاتِ الحجرِ الشرقية غزتْهُم شعوبُ المخلوقاتِ الحجرِ الجنوبية، من ممراتِ البرِّ، وممرَّات أعماق البحر مشياً تحت الماءِ مُذْ لا رئات لها كي تتنفس· تماثيلُ محاربيْنَ سقطوا مهشَّمةً في قِراعِ المطارق، وتماثيل عاديِّينَ ـ معماريَّةِ مساكنَ نَحْتاً في الكهوفِ، وصنَّاع سلاحٍ، وكهنةٍ وكاهنات، ومعلِّميْنَ في حِيَلِ المنطق صادراً عن الألسنةِ الحجرِ في أفواه المخلوقاتِ الحجرِ، وقضاةٍ في الأحكام·
 
نازعت القبائلُ القبائلَ، والشعوبُ التماثيلُ الحيَّةُ مثيلاتِها، عن معتقداتٍ سعتْ إلى بَسْطِها حقائقَ لا تُدْفَعُ أو تُجْبَه· تبادلتِ السبيَ، والنهبَ، وتقويض هياكل الآلهة، التماساً للغَلَبة في توطيد الزعْمِ أنَّ السماءَ لم تكن هناك قبل جيل الآباء النحَّاتيْنَ الثالث؛ أو أنَّ الأرض ثلاثةُ أقسام مشطورة بمضيقيْنِ فراغٍ هما فردوسُ الكائنات الحجرِ؛ أو أنَّ الصوتَ شكلٌ نحْتٌ سيُنجزه جيلُ الآباء النحَّاتين الثامن؛ أو أنَّ الأصلَ الحجرَ الأول كان خاطراً نَحْتاً من خيال آخر مخلوقٍ حجرٍ في برهة احتضاره؛ أو أنَّ الوقتَ هو، أبداً، ما ليس هو؛ وأنَّ المخلوقاتِ الحجرِ، الحيةَ، شأنٌ لازمنيٌّ· كلُّ خلافٍ، في مسألة من هذه، عضَّ على وجودة القبائل التماثيل، والشعوب التماثيل، بأسنان الغزوات نَهْباً، وسَبْياً، وتقويضاً لهياكل الآلهة· 
 
رصْفٌ مديدٌ من أنقاضِ كائناتٍ تماثيلَ مهشمةٍ تكاثرت هناكَ منذ قديم لايعرف نوعُ الحورية كاليس تخمينَ مدخلٍ إليه· هي كائناتٌ حجرٌ تكاثرت تماثيلَ حيَّةً قامت على نحْتِها نخبةٌ من التماثيل النحَّاتة، موكلةٌ، بعريق خصائصها، أن تستعيد الحجرَ صورةً من داخل كتلته الحجابِ على ماهيَّته الأصلِ شكلاً متناظِرَ الجوارحِ والأبعاد· تماثيلُ أنجبتِ التماثيلَ نحْتاً حيًّا· وها هي، في مطالع أعماق بحر تريتونفال، أنقاضٌ مهشَّمة، غشيَها الطحلبُ، والأُشْنَةُ، والقواقعُ اللَّزَّاقةُ، والصَّدف؛ ونبت في صدوعِها العشبُ أخضرَ محترقاً، مُتراقصاً، أشعثَ كأغصان التَّنُّوب·
 
عاينت كاليس، وبناتُها، رؤوساً مقطوعة· قلَّبْنها يتأملَّن العيونَ محدِّقةً من أغشيتها الصُّلبة، الكتيمةِ، المُصْمَتَةِ، إلى سديم الخلائق، وخزائن النشآت· رفعت إحدى البنات رأساً بين يديها لفتاةٍ حجَرٍ بضفائرَ معقودةٍ عقيْصَةً فوق قَمَحْدوَتها· أشارت إلى أمها أنها تريد شعرَها ضفائِرَ أيضاً، على المثال ذاك· خلَّلتِ الأمُّ شعر ابنتَها الأصفرَ بأصابع يدها اليمنى، ثم أطلقتْهُ متماوجاً، راقصاً، منتشراً· هزَّت رأسها تستنكر فكرةَ الضفائر· استدارتْ· خفقت بزعنفة ذيلها العريضة، البرتقالية، القوية، خفْقاً أطلق جسدَهاً سهماً زَيتاً· تبعتها بناتُها خفْقاً بزعانف أذيالهنَّ سهاماً زيتاً، في الفراغ المائيِّ المُبتكَر فراغاً بالخيالِ المائيِّ·

الصفحات