أنت هنا

قراءة كتاب أمنية قبل الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أمنية قبل الموت

أمنية قبل الموت

تدور أحداث رواية "أمنية بين الموت"، بين ثلاث مدن هي حلب ودبي ولوس أنجيلوس، في أجواء غريبة من السحر والخيال، الذي يجعلك مشدوهاً ومدهوشاً، حتى آخر كلمة فيها.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
- لكن كل من حولي يصرّون أنني لن أحظى بزوج أفضل منه·
 - لا يا ابنتي، أنت وحدك من تقررين ذلك، ولا أحد غيرك، أنت صغيرة، وجميلة، ومتعلمة، لن يحظى أي رجل بأفضل منك، فلا تقللي من شأنك·· وفكري بعقلك، وقلبك، وإحساسك العميق بالأشياء، واسأليهم جميعاً، هل حقاً أريد أن أتزوج هذا الرجل؟
وغادرت الأم غرفة طفلتها ودمعة كبيرة رافقت ليلتها تلك كنهر جارٍ دون توقف، وتركت ياسمين في عالم آخر غير عالمها·· عالم ضبابي من التفكير، والحل والعقد·
ولمّا دقّت الساعة الثانية ليلاً، كان كل من في البيت يقف على رجليه، فهي ساعة الرحيل، والطائرة ستقلع السادسة صباحاً، ويجب أن يكونوا في المطار في أقرب وقت ممكن، وكانت ياسمين قد جهّزت نفسها، وحقائبها كلها قبل يوم كامل، كأنها في مهمة رسمية، تعود منها بعد حين، وكان الصمت سيّد المكان، وذلك الليل البهيم خادمه الأمين، وركبوا جميعاً الحافلة الموصلة إلى المطار، كلٌّ يذرف دمعته·
وبالرغم من جمال ذلك الطريق في نهار كل الأيام، إلا أن ياسمين لم ترَ أشد قبحاً منه في تلك الليلة، فقد كان طويلاً بألمه، قصيراً بالوقت الذي أنهى أيامها بأبويها وبالجزء الأول من حياتها الطفلة اللامبالية، وكان لصوت محرك الحافلة في أذنيها دويّ، كدوي المطاحن، لكنه مستمر، ودائم، دون ذرة طحين واحدة، ولو كان لها الأمر في تلك اللحظة لارتمت بين أحضان تلك المطاحن، وأنهت تلك المعاناة المستميتة مع القلب والعقل والإحساس، فكانت تبحث بتسبيحها واستغفارها وتكبيرها المتواصل بين كل تلك الضوضاء الساكنة روحها عن أمل، ولو كان نجمة بعيدة في السماء المطبقة على الأرض، أو شجرة قريبة من شارع الحنين ذاك، والذي ظلّ امتداده في روحها سنين طويلة، كسر خلالها كل حواجز المنظور وقواعد الرسم، وأكمل طريقه في حياتها·· لم تستطع الخروج منه، فقد ظل شعور الغربة في ذلك الطريق يأسرها كلما ألمّت بها الكروب والمصائب، فلم تكن تعرف أكان ذلك الشارع ملجئاً لها في ساعات ألمها، أم كان صورة من صور ذلك الألم، إلّا أن جُلّ ما كانت تعرفه، هو أنها لم تحد عن مساره يوماً·

الصفحات