أنت هنا

قراءة كتاب مجنون ساحة الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مجنون ساحة الحرية

مجنون ساحة الحرية

"مجنون ساحة الحرية" مجموعة قصصية تتألف من 14 قصة رشحت لجائزة القصّة والرواية الأجنبية في صحيفة الإندبندت عام 2010، وجائزة مزانك أو كنوز العالمية عام 2010؛ يمثل حسن بلاسم - قاصاً وشاعراً، وكاتب سيناريو - تياراً متميزاً في الأدب العربي، ذلك أن (واقعية) بلاسم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
 قرأت آية الكرسي ثلاث مرات في ظلام الصندوق· شعرت بأن جلدي أخذ يتشقق· لا أدري لم فكرت في تلك اللحظات المظلمة في وزن جسمي· ربما 70 كيلو· كان رعبي يزداد كلما أبطأت سيارتهم أو عطفت· وحين تعاود الانطلاق بسرعة، كان ينبض فيّ إحساس غامض هو مزيج من الطمأنينة والقلق· ربما فكرت حينها بحديث الأستاذ عن علاقة السرعة بالاحتضار· لم أفهم  ما الذي كان يعنيه بالتحديد· كان يقول إن من يحتضر في غابة يشعر برعب أشد من الذي يحتضر داخل سيارة إسعاف مسرعة؛ لأن الأول يشعر بأن الزمن قد انفرد به،  بينما يخيل للثاني بأن هناك من يتضامن معه· أكيد أنه وهم الهروب بعكس الاتجاه· أذكر أيضاً أنه أعلن مبتسماً: أتمنى احتضاراً داخل مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء·
 
خيل إلي أن جميع الجثث المجهولة والمشوهة التي حملتها في سيارة الإسعاف منذ سقوط بغداد، كانت أمامي· ثم شاهدت الأستاذ في الظلام الذي يلفني حاملاً رأسي المقطوع من كومة نفايات، بينما يطلق زملائي مزحة داعرة عن حبي للأستاذ· أظن إن سيارة الشرطة لم تقطع مسافة طويلة قبل أن تتوقف عن السير· في كل الأحوال هم لم يخرجوا من المدينة· حاولت أن أتذكر سورة الرحمن، لكنهم أنزلوني وقادوني داخل بيت كانت تفوح منه رائحة السمك المشوي، ووصلني بكاء طفل·  فكوا الرباط عن عينيّ ووجدت نفسي في غرفة باردة وخالية من الأثاث· ثم انهال عليّ بالضرب المبرح ثلاثة أشخاص مجانين· وبعدها ساد الظلام من جديد·
 
خيل إلي أنني سمعت صياح ديك أول الأمر· أغمضت عيني لكنني لم أتمكن من النوم· كنت أشعر بألم حاد في أذني اليسرى· انقلبت بصعوبة على ظهري وزحفت باتجاه الشباك الذي كان قد سد بالطابوق حديثاً· كنت أشعر بعطش شديد· كان من السهل التكهن من أنني داخل أحد بيوت الأحياء البغدادية القديمة· كان الأمر واضحاً من طراز بناء الغرفة، خاصة من باب الخشب القديم· في الحقيقة لا أعرف ما الذي يهمكم بالتحديد من تفاصيل قصتي كي أحصل على حق اللجوء في بلدكم· أنا أشعر بصعوبة بالغة في وصف أيام الرعب تلك· لكنني أريد أن أذكر بعض الأمور التي تهمني أيضاً· كنت أتصور أن الله ومن بعده الأستاذ لم يتخليا أبداً عني طوال محنتي· كان الله حاضراً بقوة في قلبي، يروي طمأنينتي ويدعوني إلى الصبر· وكان الأستاذ يشغل ذهني ويخفف عني وحشة الأسر· 

الصفحات