أنت هنا

قراءة كتاب مجنون ساحة الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مجنون ساحة الحرية

مجنون ساحة الحرية

"مجنون ساحة الحرية" مجموعة قصصية تتألف من 14 قصة رشحت لجائزة القصّة والرواية الأجنبية في صحيفة الإندبندت عام 2010، وجائزة مزانك أو كنوز العالمية عام 2010؛ يمثل حسن بلاسم - قاصاً وشاعراً، وكاتب سيناريو - تياراً متميزاً في الأدب العربي، ذلك أن (واقعية) بلاسم

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
أدركت فيما بعد أن جميع الذين اشتروني، كانوا ينقلونني عبر الجسر نفسه· ولا أعرف السبب· جماعة تعبر بي من جسر الشهداء صوب الكرخ، ثم الجماعة التالية تعود بي عبر الجسر نفسه إلى الرصافة· أظن أن قصتي لن تنتهي بهذه الطريقة· وأخشى أن تقولوا كما قال الآخرون عن حكايتي· يبدو لي من الأفضل أن اختزل لكم الحكاية بدلاً من أن تتهموني باختلاقها: باعوني إلى جماعة ثالثة· عبرت السيارة بسرعة جسر الشهداء مرة أخرى·  نقلت إلى بيت فاحش الثراء· فقد كان سجني هذه المرة في غرفة نوم مزودة بسرير مريح، وجميل، من تلك التي نشاهد أبطال الأفلام يمارسون الجنس فيها··· وتبخر الخوف من نفسي، وصرت أفقه فكرة الواجب الخفي الذي اختاروني له، و أنا قمت به لئلا أخسر رأسي· لكني فكرت أيضاً بأن اختبر رد فعلهم في بعض الأمور· فبعد تصوير فيديو جديد أتحدث فيه عن انتمائي إلى الجماعات الإسلامية السنية، وعن عملي في تفجير مساجد الشيعة وأسواقهم الشعبية، طالبتهم ببعض النقود لقاء تصوير الشريط هذا· كان جوابهم الحاسم، ضرباً لن أنساه· طوال عام ونصف من رحلة اختطافي، تنقلت من وكر إلى آخر· صوروا لي أشرطة فيديو أتحدث فيها عن انتمائي إلى الأكراد الخونة، والمسيحيين الكفار، و إرهابي السعودية، والمخابرات السورية البعثية، وإلى حرس ثورة إيران المجوسية· في هذه الأشرطة قتلت، واغتصبت، وأحرقت، وفجرت، وقمت بجرائم لا يتصورها عاقل· جميع أشرطة الفيديو هذه عرضتها فضائيات العالم، وجلس خبراء وصحفيون وساسة ينقاشون ما قلته وفعلته· أما الحظ السيئ الوحيد الذي صادفنا، كان عند تصوير الفيديو الذي أظهر فيه كجندي أسباني يسلط أحد رجال المقاومة سكيناً على رأسه، ويطلب من القوات الأسبانية الانسحاب من العراق· لقد رفضت جميع المحطات الفضائية بث الشريط· فالقوات الاسبانية  كانت قد غادرت البلاد قبلها بعام· وكدت أدفع ثمناً باهظاً على هذه الغلطة، فتلك الجماعة أرادت ذبحي انتقاماً لما حدث· لكن من أنقذني كان المصور الذي اقترح عليهم فكرة رائعة أخرى، كانت النهاية لأدواري الفيديوية:
 
ألبسوني زياً للمقاتلين الأفغان، وشذبوا لحيتي، ثم وضعوا على رأسي عمامة سوداء· وقف خلفي خمسة· وجاءوا بستة رجال يصرخون ويستغيثون بالله، ونبيه، وآل بيته، ذبحوهم أمامي مثل الخراف، وأنا أعلن بأني الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، كما هددت الجميع من دون استثناء·
 
في ساعة متأخرة من الليل· جلب لي المصور ثيابي القديمة ثم قادني إلى سيارة الإسعاف الواقفة أمام الباب· وضعوا تلك الرؤوس الستة في شوال ألقوه في السيارة· في تلك اللحظات راقبت حركات مصور الفيديو، وأيقنت من أنه مصور الجماعات كلها، وقد يكون الرأس المدبر لهذه اللعبة الرهيبة· جلست خلف مقود سيارة الإسعاف بيدين مرتجفتين· ثم أصدر المصور الأمر من خلف لثامه:
 
أنت تعرف الطريق··· عبر جسر الشهداء··· إلى المستشفى···

الصفحات