بدا الطريق القصير بين بيته والمسجد، كأنما هو ميل طويل، مر بمركز الشرطة، استعرض في كل خطوة مئات الصور والأصوات والأيام، الألم يعتصره، تذكر كل شيء عن الطفلة ...
قراءة كتاب جبل السبع البنات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
- اهدئي واذكري الله· هو الذي أعطى وهو الذي أخذ·
- لا إله إلا الله· ولكني لا أستطيع تحمل هذه المصيبة· إنها قرة عيني· وحيدتي· يا رب كيف أتحمل فراقها؟
- قولي إنا لله وإنا إليه راجعون·
وقفت عند باب الغرفة التي فيها طفلتها الميتة· كانت تدفعه كلما هم بالدخول·
- يجب أن نغسلها·
- لا لن تأخذها·
- يا بنت الحلال اتقي الله·
- لا لن تأخذ ابنتي مني·
دفعها بقوة بها رفق·
سارع يحيى عندما فُتح الباب ليحمل الطفلة المسجّاة فوق ذراعي الضابط الممدودتين· طلب منه غلق الباب· لم يسمح له بحمل الطفلة· في الحزن لا يعبأ الناس بالتعب· في أحايين كثيرة يستعذبونه، لأنه يمنحهم شيئاً من التكفير عن تقصيرهم· وفي الفقد يريد الناس أن يفعلوا شيئاً قبل الفراق الأخير لترتاح ضمائرهم، حتى وإن لم يدر الفقيد ما فعلوا من أجله، ولا ما كانوا يقصدون!
بدا الطريق القصير بين بيته والمسجد، كأنما هو ميل طويل· مرّ بمركز الشرطة· استعرض في كل خطوة مئات الصور والأصوات والأيام· الألم يعتصره· تذكر كل شيء عن الطفلة· ولادتها· لعبها· ضحكاتها· مرضها الذي ماتت فيه· كان يحطم داخله تذكر تلقيه للخبر في المركز· تذكر رؤيته لزوجته في المنزل بعدها· تعجب كيف استطاع غسل الطفلة وتكفينها·
- يا لطول الطريق، وما أقصر رحلة الحياة!
بللت دموعه الغزيزة كفن الصغيرة· لم يتنبه لذلك إلا عندما سقطت دمعتان على ساعده· وضع جثمانها الطاهر أمام إمام المسجد· كبر الإمام لصلاة الجنازة، وكبر الناس·