أنت هنا

قراءة كتاب العيون السود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العيون السود

العيون السود

رواية (العيون السود) للقاصة والروائية العراقية ميسلون هادي الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت الطبعة الثانية عام 2011، تنتمي ثيمة رواية (العيون السود)، لفترة التسعينات في العراق ومارافقها من أحداث تداولتها تلك السنوات وسيطرت على انشغالات ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
- 2-
 
سألت يمامة خالتها في اليوم التالي:
 
- البيت الخالي الذي يجاورنا هل سكنه أحد؟
 
قالت الخالة وهي تتدلى كالعنكبوت من ثريا تنظفها·
 
- لا أدري·
 
ولم يجدر بيمامة سؤالها سؤالا مثل هذا في هذا اليوم العالمي للتنظيف·· يوم الأربعاء الدامي·· يوم تدور مراوح البيت كلها حتى توشك سقوفه على الطيران، ويوم لا يبقى ثمة شبر على الأرض بلا مكانس ولا دلاء ولا ممسحات· كانت أمواج المياه تتقاذف كل الغرف، فتقذف محتوياتها إلى الخارج، من أجل أن تجري لها الخالة غسيل المعدة المعتاد الذي يبدأ في ذلك اليوم منذ ساعات الفجر الأولى، ولا ينتهي إلا قبيل الغداء بنصف ساعة، تطارد فيه تلك المرأة المهووسة بالنظافة كل ذرة غبار وهباء وقذارة فتصبح، في يوم النفير العام ذلك، حتى بيوض الهوام التي لا تراها العين المجردة، معرضة للتعقيم والإبادة· 
 
أبادت خمسين رأسا لسامية جمال منذ أن جاءت إلى المنزل، وحولت كل مناشف البيت وشراشفه ذات العمر المتوسط، إلى مماسح للتنظيف والتفريش ومسح الغبار·· ولم تعد يمامة تجد مكانا ترمي فيه النفايات، بعد أن عرض تلفزيون بغداد تقريرا علميا مترجما ذات يوم يقول فيه إن نوعاً من الأحياء المجهرية من ذوات الخلية الواحدة التي تتكاثر بالانشطار، لا بالتزاوج، يمكن له أن يعيش في سلال المهملات التي يصنعها البشر الأسوياء في زوايا المنزل·
 
مع زوال الشمس كانت ميكروسكوباتها قد توقفت عن العمل؛ فأصبحت أكثر مرحاً ورغبة في الحديث· جلستا سوية في زاوية من زوايا الحديقة تصغيان إلى المساء كيف يتفجر في حدائق الجيران، أضوية وأصواتا وروائح تذكو وتتموج وتظل تنادي ولا تتوقف·· يصطج النيون فجأة في بطون الأسيجة·· وتعلو ضحكات قريبة المنال وتنتشر في الجو روائح تراب محفور أو عشب مرشوش أو عطور أشجار قد غسلت أوراقها بالماء للتو· وبالرغم من أنه كانت قد مضت أكثر من عشر ساعات على السؤال الذي سألته لها يمامة عندما كانت معلقة إلى الثريا في الصباح، فإن خالتها قالت وكأنها تسمعه للتو:
 
- نعم·· لقد سكن البيت الخالي جيران جدد· إنهم من أطراف بغداد·
 
ثم انفتحت بعد ذلك مثل صنبور ماء:

الصفحات