كتاب أو رواية (حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة)؛ يقول عنه الكاتب د.
قراءة كتاب حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة
الصفحة رقم: 10
بلدة رنسبرخ (1661- 1663)
سبينوزا وهنري ألدنبرغ:
في سنة 1661 ينتقل الفيلسوف إلى بلدة رنسبرخ، المحاذية لمدينة ليدن الشهيرة حيث مقر إقامة أعضاء حركة المجمعيين. ويبدو أن صيته كان قد انتشر آنذاك بشكل واضح، سواء في أوساط أمستردام أو في مقر إقامته الجديد. ولا أدل على ذلك مما أورده كليفر عن رحالة دنماركي يدعى أولاوف بورك كان قد تحدث في يوميات سفره إلى هولندا، بتاريخ 17 ماي 1661، عن هراطقة أمستردام الديكارتيين، ومن بينهم ذلك اليهودي المارق في إشارة إلى سبينوزا. وبعد ذلك يتحدث عن بلدة رنسبرخ حيث يقيم اليهودي الذي يوشك على الإلحاد، على حد تعبيره، لكنه مع ذلك معروف بحسن سلوكه وفضائله واشتغاله بصناعة التلسكوب والميكروسكوب(19). وهي صناعة كانت مستحدثة في ذلك العهد وأبدع فيها سبينوزا، حتى إنه حظي باعتراف أبرز علماء عصره في علوم البصريات، أمثال العالم الهولندي كريستيان هيجنز، والفيلسوف الألماني غوتفريد ليبنز اللذين أشادا بجودة العدسات التي كان يصنعها سبينوزا، بل وبادرا إلى التعرف عليه شخصياً ومحاورته في جوانب عديدة من صناعته وفلسفته الجديدة التي ترتكز، على غرار سلفه ديكارت، على أساس علوم الرياضيات والفيزياء الحديثة. ويذكر ماثيو ستيوارت أن العدسات التي خلفها سبينوزا بعد موته بيعت في المزاد العلني بأسعار جيدة، نظراً لجودتها وقيمتها العلمية العالية. وبخصوص هذا الملمح من الشخصية العلمية لسبينوزا، يؤكد كليفر على الحس التجريبي الذي عرف به الفيلسوف في الأوساط العلمية في عصره، وتفوقه في التنظير والتجريبالعلمي، وصناعة الآلات العلمية الدقيقة، كالمكروسكوب والتلسكوب، حتى إن ليبنز صرح بأنه لا يوجد في هذا الحقل من يضاهيه دقة وتفنناً. والاعتراف نفسه صدر عن هيجنز الذي لم يتوقف عن الاهتمام بأعمال الفيلسوف وأفكاره، وذلك حتى خلال مقامه بباريس، حيث كان يطلب معلومات من أهل العلم عن أحدث استنتاجات التجارب العلمية التي كان يجريها الفيلسوف سبينوزا بهولندا(20). ومن أهم الأحداث التي وسمت مرحلة رنسبرخ، تلك الزيارة التي قام بها السير هنري ألدنبرغ من لندن إلى منزل سبينوزا ملتمساً صداقته، فكان هذا اللقاء الوحيد، الذي تم بينهما في شهر غشت 1661، كافياً لتدشين علاقة عمر تجسدت في مراسلات متواصلة شملت قضايا متشعبة، علمية وأخلاقية وميتافيزيقية. وكانت هذه العلاقة مع ألدنبرغ على قدر كبير من الأهمية، حيث أتاحت لسبينوزا التعرف على آخر مستجدات الكشوفات العلمية على عهده، خاصة منها تلك التي كانت تنجز بإنجلترا. كما أن ألدنبرغ أصبح، بالنسبة إلى سبينوزا، مصدراً أساسياً فيما يتعلق بما يروج في أوروبا من إصدارات وأطروحات واختراعات مستحدثة، علماً بأن هنري ألدنبرغ سيصبح، بعد فترة وجيزة من تعرفه على الفيلسوف، أول سكرتير للجمعية الملكية البريطانية بلندن، التي كانت قد أحدثت بمقتضى مرسوم ملكي بإنجلترا لتختص بالعلوم التجريبية. والأكيد أن سبينوزا أفاد من دينامية ألدنبرغ وشبكة