(حكايتي مع رأس مقطوع) الرواية الخامسة للكاتب العراقي تحسين كرمياني، صدرت عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ببيروت، وهي تحمل عنواناً غاية في الغرابة؛ لا شك أنّ هذا العنوان الملفت للانتباه ربما يحتاج إلى تأويلات او أستقراءات معللة منطقياً كي تبرز نوع من ال
أنت هنا
قراءة كتاب حكايتي مع رأس مقطوع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
حكايتي مع رأس مقطوع
بعد حصولنا على مركبة خصوصية، وضعنا أنا وزوجتي برنامجاً ترفيهياً كي ندفن ضيم سنوات الجوع، قررنا في نهاية كل شهر بعدما تمتلئ جيوبنا بالمعاش، أن نستمتع بسفرة سياحية قصيرة، كي نكنس أوضار الواقع المتراكم فينا، ومن جهة أخرى نستكمل نواقص بيتنا من حاجيات رديئة تهبط إلى أسواقنا، معظمها كماليات، وغالباً ما كانت زوجتي تملأ حوض المركبة الخلفية بالألعاب ودمى الأطفال والمنمنمات النازفة للنقود، فهي تمتلك ولعاً قديماً بتبديل أماكن الموجودات والديكورات كل أسبوع، مما يسهل عملية تدميرها مبكراً وتوفير فرصة حاسمة لمزاجها المتذبذب بتبديل الأثاث·
فهي كلما تسمع هبوط أشياء جديدة إلى الأسواق عبر ألسنة زميلاتها، دم جسدها ينتفض، يضيق أفق فكرها، تفقد تركيزها، تتحرق شوقاً لمجيء نهاية الشهر كي تستلم راتبها وتهرع لشراء تلك الأشياء الجديدة، كي تبز زميلاتها في العمل من جهة، ومن جهة أخرى تخمد نيران فضولها·
زوجتي لها طبيعة إلقاء الأشياء القديمة إلى القمامة، مهما كانت درجة فائدتها، كثيرة هي الموجودات التي رمتها، كانت سليمة، بإمكانها أن تصمد لسنوات أخر أمام زحف الموضات المتلاحقة·
تلك الطبيعة لفتت انتباه صبيان الزقاق، راحوا يقفون لها بالمرصاد، وتوصلوا إلى نتيجة محسومة، ضبطوا ميقات تطعيمها (قمامة الزقاق) بأشياء منزلية ثمينة، يحملونها ليبيعوها في سوق (السبت)·
يترقبونها نهاية كل شهر، وكلما كانت تسحل كيساً مملوءً بأشياء نافعة، تحدث مشاحنات وعراك بينهم، قبل أن تتدخل هي وتجد لهم الحل المرضي أمام حشد من أهل الزقاق، تفتح الكيس وتوزع ما فيه عليهم وفق مزاجها، وتعود بوجه ضاحك ممتلئة حبوراً كأنها عاشت ليلة زفافها·