رواية "إحداثيات الإنسان"؛ من الصعب اختصار ما تحاول هذه الرواية قوله، وهذا يعود إلى طبيعة أحداثها وخيالاتها التي تدور في السجن، بفضائه الوجودي الأوسع، ليس الزنزانة كموقع، بل كرقعة لا يمكن النظر إليها إلاّ من خلال علاقات "طوبولوجية" كثيرة ومتشابكة - مقادارية
أنت هنا
قراءة كتاب إحداثيات الإنسان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
هؤلاء الرجال يحشرون أنفسهم في أحرج المواقف ويطلبون من الله العون،..
دَعَا السنجك الملازم محمد إلى أن يجلس حتى يجد له الملف.ولكن بشرط، أن يجلس كأي كلب محترم يذهب نحو ما أُلقي إليه من عظم
فقط، بدون طمع أو ترَدُّد.وذلك لأن السنجك لا يُسَلِّف كتبه مطلقاً.والملازم محمد لم يسبق له أن دخل مكتب السنجك وخرج بدون كتاب
قط.أثناء تقليب السنجك في الملفّات قال لنفسه، ودون أن يقصد قول شيء لأحد، وبطريقة تشبه التداعي،..
د.بدوي وكمال صنفان من بذرة غريبة.أينما قُبِرت نَمَتْ، وكيفما حُوربتْ كان لها ثمار.بذرة خزنها العفن وأنبتها، فالذي بذرها دبرُ
طائر،..
عَنْوَنَ الملازم محمد كلامَ السنجك لشخصه،..
د.بدوي انتهى أمره.لن ينجو من هذه الهاوية.ما هي إلا أيام ونعلف به الآخرة، يقولها الملازم محمد، وهو يمرجح الكرسي، ما يغيظ
السنجك بالضبط،.
يلتفت السنجك، الغيظ والسخرية في ماعون واحد للملامح،..
كأنك لا تعرف محاميه! لالوب الشيطان العاهر.هل تراهن على أن بدوي سيخرج من هاويته وينطلق إلى حيث يريد؟،..
أنت تقول ذلك لأنك تعادي هذا المحامي، يقول المأمور،..
بعد كساد عمومي لمخزون السنجك، يدمدم،..
يا حضرة المأمور العداوة شغل، وأنا لديَّ ما أعمله،..
ربما أحس المأمور بأنه نافلة في ذلك المكتب، وليس هنالك أحد يأبه بصداقته.وأنَّ الذين يرغب في مبادلتهم الحب لا يريدون مبادلته
حتى السلام.لذلك لجأ إلى التواصل معتمداً على قيمته العسكرية فأواصرها محترمة أكثر من أواصر الصداقة والقَرَابة.
ينتقم المأمور من الملازم محمد بلهجة تضع العسكري أولاً في بِزَّة وصفوف الباشبوزق، ثم تستفهمه،..
كيف الأوضاع عندك؟،..
أية أوضاع؟ إنها إسهالات ودُمتم، لم يسبق للملازم محمد أن اكترث لرئيسه قط، ولن يُرَقّيه الآن،..
تَفَرَّسَ المأمور وجهَ الملازم بحثاً عن اعتذار أو صيانة لتلك الإجابة الركيكة حتى قلة الأدب.ولكن الحرج فقط ولا غيره ما جعل
الملازم يضيف،..
أظن أنه من الطبيعي جداً ولا أكون قد استخدمتُ شجاعتي إن قلت لك إنَّ الأوبئة تُسهل المساجين أحشاءهم.هذا المبنى يفتقر للرحمة.
والبشر الذين نخزّنهم هنا يكسدون كل يوم يا حضرة المأمور،..
تناول الملازم ملف د.بدوي من السنجك الذي أفلت ضحكاً كالطيف.فقد ابتلعها المأمور بتمامها وحامضة، ولاكته هي في أحشائه
مغصاً.ولكن قبل أن يخرج الملازم محمد نادى فيه قائده آمراً،..