المجموعة القصصية "بكاء عمي"؛ للكاتب السعودي إبراهيم محمد النملة؛ نقرأ منها:
ركض عمي خلف سنيّ شبابي يبحث عن مخرج لسني مشيبه، وتوهّم المخرج في شبابي!
قراءة كتاب بكاء عمي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

بكاء عمي
الصفحة رقم: 8
- 6 -
ليلة أول أيام عيد الفطر المبارك قالت لي جدتي بشيء من الألم والحسرة:ـ
- أجلس بجانبي يا بني، أريد أن اتحدث إليك قليلاً، فما بصدري لا أستطيع أن أستحمله··
نظرت إليها بألم نابعاً من ملامحها وقلت لها:ـ
- ماذا لديك يا جدتي؟!!!···
رفعت بطرف أصابعها قماش جلابيتها وقالت:ـ
- هذه هي جلابية العيد!!!···
في كلماتها القليلة عرفت منها الكلمات الكثيرة التي لم تنطقها··· قلت لها لأطفيء توهج عبرتها:
- لا عليك يا جدتي سأبتاع لك جلابية جديدة تشرقين بها مع إشراقة شمس العيد·
سحبتني من يدي وأودعتني صدرها وبكت مر الدموع، تركتني كما أنا على صدرها وإن كنت أشعر بأن في لسانها كلاماً كثيراً أخاف ان تستنطقه فيجرح قلبها، علقت نظري على وجهها، لم تنظر إلي وإنما سافرت عينها إلى مدى بعيداً لتقول لي:ـ
- كان هنا في صباح أمس وقال لي:ـ
- أعذريني يا أمي إذا لم أتي إليك هذا المساء!!!···
- خيراً يا بني عسى المانع خيراً إن شاء الله؟!!!
بفرح اكتسبته من تعابير وجهه قال:ـ
- كل الخير يا أمي ولكني سأذهب مع أبنائي وزوجتي لشراء ملابس العيد!!!
لحظتها يا بني وبدون شعور مني نظرت إلى فستاني اللاصق بجسدي منذ أشهر كثيرة، قرأ ما أرمي إليه بدون شعور مني حينما رأى نظراتي تنساب على جلابيتي القديمة وقال:ـ
- أمي أنت كبيرة في السن وليس لك فرح الأطفال بالملابس الجديدة، ثم انتِ يا أمي ستقضين أيام العيد هنا في دارك لن تخرجي وأبنائي سيخرجون للتهنئة والملاهي!!!···
تعذبتُ جداً بنظرتي إليه، أنه أبني قطعة مني ولكن تلك القطعة أضحت بالنسبة لي كقطعة جلد يابسة!!!···
تركني وخرج وحمدتُ الله زن خرج قبل أن تصرخ دمعتي على خدي···
وصرخت دمعة جدتي على خدها!!!···
مددتُ يدي ومسحتُ دمعتها الثقيلة وقلت لها:ـ
- لا عليك يا جدتي ستجدين العيد في جلابيتك الجديدة، وسنسافر إلى المنطقة الشرقية كلنا أنا وأنت وأمي وأخواني وسنقضي كل أيام العيد هناك···
سحبتُ رأسي من صدرها واستقمت واقفاً وقبل أن أخرج لأبتاع جلابية جديدة لجدتي همستُ لنفسي بصوت خافت سمعته جدتي على ما أظن وأدفت على همسي كلمات من دعاء···
{··· سيتزوجون أبنائه وسيخلفون حينها وبعد ذلك من سيبتاع لعمي ثوب العيد؟!!!···}
أغلقتُ الباب خلفي، وسللتُ يدي إلى جيب ثوبي لأعد نقودي لعلها توفي بجلابية جدتي وبوعدي لها برحلة للمنطقة الشرقية!!!···
تلك هي هكاية جدتي التي ماتت منذ سنتين K وذلك هو أنا!!!···
أجلتُ زواجي لأسافر إلى جدة أزور عمي في المستشفى الذي فقد كل أبنائه خلف باب سريره في العناية المركزة!!!···