أنت هنا

قراءة كتاب رقص على الماء - (أحلام وعرة)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رقص على الماء - (أحلام وعرة)

رقص على الماء - (أحلام وعرة)

بين اليقظة والحلم تمضي أحداث هذه الرواية "رقص على الماء - (أحلام وعرة)"، والتي مسرحها مدينة السويد. حيث شاءت الصدف الجمع بين شخصيات شتى من جنسيات شتى ومشارب شتى.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
ان منطقاً شديد التماسك يقدر أن يحول المنامات إلى وقائع· يكفي أن نقرأ ;محطة كلدا لسكك الحديد لندرك هذا· أو ;طبيب الريف أو ;فنان الجوع· أو ;الرسالة الامبراطورية· أو ;سور الصين العظيم· أو ;في مستعمرة العقاب·
كافكا يأخذه المنام إلى رجال يُقتلون سحقاً في آلة تعذيب (مستعمرة العقاب)، أو إلى جرحى بأزهار دموية تتفتح في خاصرتهم (طبيب الريف)··· يتأمل عذابهم، يصف ما يجري لهم ممعناً في التفصيل، ولا يخاف أن ينظر: أنه حتى يُحول رجلاً إلى حشرة، بعد منامات متشابكة مضطربة، ثم يخبرنا (هذه هي السطور الأولى من قصة ;التحول ) ان غريغور سامسا عرف ان هذا ;ليس مناماً ! الرجل المستوحد يتحول إلى حشرة ثم يموت في غرفته مع قطعة تفاح على ظهره، وكافكا يموت بالسلّ عاجزاً عن شرب بلعة ماء· ظل كافكا يحدق في عينيّ الموت إلى أن جاء الموت اليه· لم يكن يستدعيه· كان ينتظره· ويحضر نفسه للحظة الحقيقة· هل يكون هذا أدب المنام؟ هل يكون أدباً عن انتظار لحظة الحقيقة النهائية؟ صادق هدايت يذهب في مناماته إلى الكوابيس، تماماً مثل كافكا، لكنه لا يملك المنطق الرياضي الصارم الموجود عند صاحب ;سور الصين العظيم· أين نجد قريناً لكافكا في الاستسلام لعالم المنامات وتحرير الطاقة الخيالية الكامنة في المنام؟
فرناندو بسّوا كتب يومياته كمن يكتب في منام· اعتبر حياته كلها مناماً· كان ينام فيرى نفسه شخصاً آخر باسمٍ آخر وأشعارٍ أخرى ويوميات أخرى· يستيقظ ويكتب كل ما يراه، وبينما يكتب ينعس ناظراً من النافذة إلى أمطار لشبونة والى سماء زرقاء أو رمادية تتباعد غيومها فوق النهر·ينعس ويغفو بينما يكتب ويشرب ماء، ينام مفتوح العينين، ويده لا تكف عن الحركة· ;كتاب اللادعة كتاب منامات، وكتاب واقع داخلي: عالم نفساني شديد الثراء قادر بقوة الشعر الخيالية أن يتحول إلى عالمنا· تخرج الغيوم من عينيّ فرناندو بسوا وتغزو سماء عالمنا· نحدق اليها ونتبع طيور السنونو التي تعبر ونجد أجسامنا تسلك درباً تتعرج بين الأشجار· هذه أراضي النوم الغامضة، وفي هذا العالم كل شيء ممكن· بسِّوا - مثل كافكا - يعلم أننا نحيا في رأسنا، لا في الغرف والطرقات· يصير الأدب عندئذٍ مناماً طويلاً· نفتح الكتاب وبينما نقرأ تخطفنا الكلمات إلى عالمٍ يوازي هذا العالم الواقعي· ذلك العالم الموازي هل هو حقيقي؟
 
(عن مقالربيع جابر في;الحياة10/9/2004)

الصفحات