قراءة كتاب ذاكرة الطين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ذاكرة الطين

ذاكرة الطين

كتاب "ذاكرة الطين" - قراءة في دلالات النصّ السياسيّ والثقافيّ في العراق؛ هو إصدار فكري جديد، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للعام 2013،  و إصداره هذا يقرأ تاريخ وحاضر العراق في جميع المراحل التي وصفت بأنها دموية وقد خلفت حزنًا تاريخيًا لا انقطاع له في ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
وتتساءل أختها: لماذا هذا الشرخ بين العراقي ووطنه؟ ولماذا هذا الاختلاف الشاسع بين العراقي في الداخل والعراقي في الخارج؟ وهل سينشأ جيل يحفظ تلك الإشراقات المضيئة في تاريخ العراق؟ ولكي تشارك الثالثة في الحديث تقفز وهي تتذكر مفردة تطرحها على شكل سؤال هو الأكثر إشكالية: متى يمكن بناء العراق بما يليق بمساواته مع بلدان المحيط الجغرافي القريب؟
 
الأسئلة ذاتها تتكرر بأشكال ومضامين أخرى، مثلا، في كل حوار إعلامي يجريه صحفي عربي مع مطرب عراقي لا بد من السؤال: لماذا أغانيكم حزينة؟ وهناك سؤال، يبادرنا به أحدهم تربطنا معه علاقة ما: ماذا يعني هذا الاسم ومن أين جاء؟ ونعرف إلى ماذا يرمي، وهو الذي لم يكن يوما يسأل عن معنى أي اسم! ثم يواصل الأسئلة بما تعكس انتماءات سائليها وتوجهاتهم، بل وتفرض نفسها بعد أن انفتحت البلاد على كل أشكال وسائل الإعلام، وأصبحت الكاميرا تطارد الجميع في زوايا الحياة اليومية المضطربة بين تجاذبات القوى السياسية الظاهرة والخفية، ولم يكن قبل هذا الواقع من يجرؤ على السؤال، لأنه أصلا لم يكن يعرف سوى وجوه تتكرر يوميا في الأحداث والصورة التلفزيونية الواحدة! وهو ما يؤكد كم من الحقائق طمست على مدى عشرات السنين، بل ومنذ أمد بعيد قد يصل إلى ذلك الزمن الذي كتب فيه التاريخ أناس في موقع السلطة، وبشكل أحادي الجانب والهوى·· خصوصا وأن مسألة التاريخ ـ صناعة وكتابة ـ تخص نخبة من الناس، وليس المجتمع بكامله، أي أن المجتمع يوفر عادة حيزا ضيقا من كتاب التاريخ قد يصل عددهم في العشرة ملايين نسمة، عشرة أشخاص في أحسن تقدير، ومعظم هؤلاء يعملون تحت خيمة السلطة أو السائد السياسي في أي وقت· وحتى لو وجد منهم من يملك ضميرا حيا فإن هؤلاء سوف يتعرضون للتغييب والتهميش والاتهامات التي تودي بحياتهم ومنتجهم الفكري·· ونلاحظ أن هذا حدث في زمن لم يعرف وسائل الإعلام الحديثة من كاميرا وخبر عاجل تبثه وسائل الاتصال السريعة ووكالات الأنباء، ومن ثم عناوين ما بعد الخبر وما وراء الخبر وأضواء على الخبر، وحتى مع وجود هذه المعطيات الحديثة فإن صعوبات كثيرة تعترض الحقيقة فكيف الأمر قبل مئات السنين؟ إن حقائق كثيرة طُمست عبر التاريخ، مراحل كاملة حُذفت من دائرة الضوء إلى غياهب العتمة، وما وصلنا من الأحداث الرئيسة، أمر شائع لا مهرب منه ولكن التاريخ ليس أحداثا ذات حيز مكاني وزماني محددين فحسب، بل هو تفاصيل وعوامل ومسببات وأهواء وتوجهات بطيئة وخفية تصنع الحدث وتميله بحسب خدمة مصالحها·· ولا تزال هذه الإشكالية الأخلاقية قائمة في رفض الآخر وإنكاره زمانا ومكانا وفعلا ضمن التفكير الضيق نفسه، والحساسية العمياء التي حكمت مجتمعنا مئات السنوات··

الصفحات