رواية "كهوف هايدراهوداهوس"؛ لا إسقاطات من الأساطير في نص هذه الرواية. لا إعادة صوغٍ لإنشاء أسطوري. هي ائتلاف من مكوّن السرد الحكائي والمحاروة في مسرح المأسوة القديم، تديره كائنات أسطورية من أمة السنتور، في محالة لتصويب الواقع بإعادته إلى خياله.
أنت هنا
قراءة كتاب كهوف هايدراهوداهوس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
ثيُوني ـ هَايْدْرَاهُوْدَاهُوْس
في صباحٍ لطيفِ الحنجرة، ذي غناءٍ خافت تتشرَّبه الأعمدةُ الجليلة في كهوف هايدراهوداهوس ـ أرضِ الصُّنَّاعِ السَّحرةِ للخناجر، والحدوات، خرج الأمير ثيوني من مخدعه الحجري مبتسماً إلى بهو كهفه· كان الخِوان الصخرُ، المستطيلُ ستاً وستين ذراعاً، على أتمِّ عُدَّته: فاكهةُ الظلِّ وفاكهة الشمس متجاورةً في الصِّحَاف· ورقُ الدَّلبوث، وأسواقُ الهَليون الفتية مقشرةً، وبعضُ أزهار القَرْعِ المنقوعة في خلِّ الدراق الفِجِّ، وهي مايستمرئُها ثيوني على الريق·
نهض خلصاءُ الأمير الجالسون· تهيَّأ الخدمُ وهم يطلقون صهيلاً محسوباً بقياس الدُّربة من حناجرهم، خافتةً لكنها صارمةُ النَّبر في علوم الخَدَم أَنْصَافِ الإنسان وأَنْصَاف الخَيل· جلس ثيوني وصدرُهُ إلى الخوان· جلس الخُلصاءُ ممدِّديْنَ قوائمَهم، كلٌّ بحسب مايريْحُه· هزُّوا أعرافَهم المتدليةَ فوق الجباه، قبل أن يقرِّب الخدمُ الصحون إلى متناول أيديهم، وقد انحنوا بقوائمهم الأمامية على الأرض الرخام، في الفسحات المتساوية بين جليسٍ وآخر· تحدَّث الأمير: رأيتُ نصفَ حلمٍ بهيجاً في ليلتي· سأنتظر قدوم الأميرة أنيكساميدا لتُتِمَّه لي· عندها النصفُ الآخر
لكل مخلوق في هايدراهوداهوس من يشاطره، من الأقربين إليه، نصفَ حلمه· لاأحد يحلم حلماً كاملاً· لكن لاأحد يروي لغير شريكه في مناصفة الحلم مايراه من تجلِّي منامه عليه بالصور مندرجةً في خصائص اللون، أوبلالون: منذ السنة السادسة من أَعمار المخلوقات هذه، ذوات أنصاف جذوع الإنسان الملتصقة بهياكل الخيول، يختار القرينُ قرينَه، بالتوافق النبيل لشروقِ الطِّباعِ على أعماقهما· ولم يحدث، قط، أنْ جرى إِخلالٌ بذلك التوافق، الشبيه بالميثاق، بين اثنين· إنه اختيار الإقامة النهائية في الحيِّز الذي يؤثِّثُه، برهافة المصادفة المُدّلَّلة، كلٌّ من الظلِّ والشكل·
هم، المخلوقات التي تتنادى بلقب الهوداهوس قبل لفظ الأسماء الخاصة بمَنْ يُنَادَون، يعرفون بالفطرة أن كل اثنين يتناصفان حُلماً واحداً· ولم يخرج أحد عن العُرف في كتمان حلمه لنفسه ولقرينه· لكنهم يتبادلون الإشارات، تلميحاً، للتدليل على أحوال الأحلام التي تشاطروها: هذان مرَّا بحقول ذهبٍ· ذانِ صَعَدا مَدَارجَ الغمام بحَدَواتٍ من معدنٍ ليس من معادن الحدوات· ذانِكَ خابا في إتمام شهوةٍ
إنه تخمينٌ لأحوال الأحلام بالفِراسة التي فيهم، أو بالقياس النفساني إلى أحوالهم بعد أحلامٍ أغوتْ خيالَ نومهم: الخيبةُ، اللذة، الكابوس، الرضا، النِّزاع والإضطراب، الإنحصارُ، العلاماتُ القلقةُ؛ كلُّ ذلك يترك في العيون، بعد اليقظة، أثراً من خطواته الخفية· بَيْدَ أنَّ التخمين يبقى تخميناً· أما الحلم المُتَناصَفُ فهو ـ بحقيقة صوره، وأطياف عناصره الضَّالة والمُسْترشِدة، المتكافئةِ وغير المتكافئة ـ رهيْنُ عِلْم المتشاركيْنَ فيه إلى الأبد·
ثيوني، أمير هايدراهوداهوس ذات الكهوف المُجْتَاحَة بالأعمدة المهيبة، خَرَق الموروثَ· فاجأ جُلساءَه الخُلَصاءَ ـ غضاريفَ الحقول المديدة، وأَُمناءَ خزائن المُؤَن والأسلحة ـ بالطلب إلى زوجته آنيكساميدا أن تسرد نصفَ حلمها على أسماعهم· صَهلَ الحاضرون· اهتز عرفُ الأنثى تحت خمارها النازل حتى ظهرها· اهتز ثدياها المحتجبان تحت شبكة الذهب المتدلية من عنقها على صدرها· التمع جسدُها الأبلقُ ذو الوبر الحرير كأهداب طائر النَّعام: أيها الهوداهوس الأميرُ، يازوجي الناطق بلسان الكهوف ذي الشِّعَب الثلاث، هل هي رؤيا أَمْلَتْ عليك كَشْفَ المستور من خصائصنا ـ نحن مخلوقاتِ الشكل الأنبل؟