أنت هنا

قراءة كتاب كهوف هايدراهوداهوس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كهوف هايدراهوداهوس

كهوف هايدراهوداهوس

رواية "كهوف هايدراهوداهوس"؛ لا إسقاطات من الأساطير في نص هذه الرواية. لا إعادة صوغٍ لإنشاء أسطوري. هي ائتلاف من مكوّن السرد الحكائي والمحاروة في مسرح المأسوة القديم، تديره كائنات أسطورية من أمة السنتور، في محالة لتصويب الواقع بإعادته إلى خياله.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
جفَّ الأبُ مسترسلاً في سؤاله عن تلك الأشكال· حُمِلَ هيكلُه إلى أخدود تاييْس ـ أخدودِ ريحِ الجفاف القادمة من خليج الرمال· بقيت الإبنة وحدها في حيرتها· ثم صارت حيرتُها ـ قبل انتقالها إلى إدارة فيفلافيذي بشهر واحد ـ حيلةً من حِيَلِ المنطق· فالصور المنحوتة على بقايا اللوح الهشيم كانت تكراراً لشكل يجعل من معنى القرين سيرورةَ عبثٍ·هكذا خمَّنتْ أنستوميس· الأشكال، التي كانت تشبه بأنصافها الأمامية العلوية، من الرؤوس حتى البطون، أشكالَ الهوداهوس الأمامية، كانت تتصل ـ على نحوٍ مستقيم ـ بأفخاذ، وسيقان، وأقدام، لاغير· ما من اندماجٍ فيها بأعضاءِ جيادٍ· عراةٌ عليهم عباءات قصيرة تصل حتى أردافهم، وعلى رؤوسهم تيجانٌ رقيقة الأطواق· كانوا متشابهين بلا تمايز· كانوا استنساخاً لتجلٍّ من صورةٍ واحدةٍ على خيال نحَّاتها· وذلك، تحديداً، ماانتشل أنستوميس من الغرق، كمخلوقاتِ فصيلها الفريد، في الهاوية البيضاء لـ حُمى القرئن لقد انفكَّت عقدةُ تدبير العلاقة بين الشيء ومعناه: التكرارُ خاصيَّةُ عَزْلٍ للوسائط المفترضَة أن ندوِّخ عظامنا في استدراجها إلى ربط وجودٍ ماَّ بوجودٍ آخرَ يؤسِّسُه، ويضاعَفُه ليصير مُحْتَمَلاً· هذه الأشكال لاتروي حكايةً؛ لاتروي مأْثَرَةً؛ لاتأْمَلُ أن يستخلص النظرُ إليها مايوحي أنها كانت صَوْغاً كاملاً أو ناقصاً لحروفٍ، قالت أنستوميس بلسان المنطق فيها لعقل القلق فيها· تحدثت طويلاً ـ بصوتٍ عالٍ يشوبه انفلاتُ الصهيل من مخارج الحروف ـ إلى نفسها، في عبورها حقولَ الذُّرة، كلما عثرت على نُتَفٍ من بقية اللوح الغامض· سأسمِّيه الواقف على ساقين ككراكي السَّهل المُعشب· الواقفَ على ساقين· الواقفَ أبداً· أيستطيع أن يطوي أعضاءَه؟ من تخيَّل هذا الشكل المُعذَّبَ؟ إنه بلاقرينٍ صَهَلَت في لوعةٍ: ماالذي فعلتْهُ أُمَّتي ـ أُمَّةُ القَرْن النابت في الجبهة ـ بنفسها؟ انحدرَ المولودُ الأول منا من رحم أنثى هوداهوس عاديةٍ تصنع أقفاص الطواويس من قصبِ نهر تُوْمان الأزرق· تزوج المولودُ الذكر، بعد ثلاث سنين، أنثى هوداهوس عاديةً تجدِّل أذيالَ إناث الهوداهوس وتزيِّنها بسلاسل من وَدَعِ نهر تُوْمَانْ· جاء المولود الثاني من فصيلنا أنثى بقرنٍ تزوجت ذكراً من الهوداهوس يصنع حدواتٍ للخياطين، ومزيِّني أعمدة الكهوف ذوي العيون القرمزية· أنجبت الأنثى أنثىً بقرنٍ في جبهتها· انحسرتْ جاذبية اللغرابة من أعماق الهوداهوس وهم يرون تكرار رؤوسٍ نبتت على جباهها قرون كقرون الجِداء· انفكُّوا عن التزاوج بهم، فتزاوج وحيدو القرون بعضُهم من بعض، يورِّثُ المخلوقُ منهم نَسْلَهُ خنجريْه وذاكرتَهُ ـ ذاكرةَ الحِفظ بلانهاية تلمَّست أنستوميس مقبضَيْ خنجريها، وَصَهَلت صهيلاً خافتاً· ماالذي فعلتْهُ أُمتي الصغيرة بنفسها؟ ماالذي استدرجها إلى فخِّ البحث عن إيجاد قرينٍ لكل شيء؟· ألم يعبر خيالَ واحدٍ منها صورةُ شكلٍ يشبه شكلَ هذا الكائن الواقف على ساقين في مِزَقِ اللوح الغريب؟ مُذْ رأيتُ نحتَ هذا الكائن عرفتُ أنني نجوتُ من الحمى· آه، أبي، أيها المنتصبُ يابساً في مجرى الريح بأخدود تاييس، لماذا عاد بصرُكَ بلا صيدٍ من هذا اللوح؟
 
مسحتْ أنستوميس بطرف عباءتها الزرقاء القصيرة عينيها من برق الدمعة المتلصِّصة منهما على الوجود، حين عاد خيالُها بها إلى الممرات بين حقول الذُّرة تعبرُها عائدةً بمِزَقِ اللوح إلى خزانة البيت الحجرية· ولمَّا استقرت فيفلافيذي في عُهْدتها، استقرَّت بقايا اللوح، أيضاً في خزانة من خزائن الكهف منحوتةٍ في عمود بلانقوش، بين الأعمدة الثمانمائة الخضراء، لايفتح سينو بابَها الدائري لسواها؛ يفتحه في نضوج القمر على نار دورته الكاملة ـ دورةِ النُّور النَّحات، أيْ في الموعد الغامض، الذي يختلط نظامُ جسد أنستوميس، كأنثى، بنظام الدورة الفلكية، فتصيرُ متوجِّسةً، قلقةً، ممتلئةً برغبة في البكاء بلاسبب·
 
نقرتْ أنستوميس بنصل خنجرها على حجر في الكهف: أيها الهوداهوس سينو، هذه النقوش تتآكل· أريدُ مَن يرمِّمها· نحن قُرَّاءَ الصور لانثق إلا بعيوننا، قالت، وعادت فمسحت طَرْفَ عينها اليسرى بظاهر يدها الممسكة بالخنجر·
 
صهل سينو صهيلاً خافتاً: أرى رسولاً في باب الكهف يومىء إليَّ مشى إلى باب الكهف في تُؤَدةٍ، على حوافره الأربعة، المبطَّنة بأربع حدوات من معدن النحاس· غاب قليلاً، ثم عاد مسرعاً: يطلبكِ الهوداهوس الأميرُ أيتها الهوداهوس أنستوميس، مروِّضَةُ نظامِ الصور في فيفلافيذي
 
صهلتْ أنستوميس صهيلَ المُلَبِّي المتدرِّجَ في خفوتِ نبرته· أعادتْ خنجرها إلى الغمد الأيسر، وهي لمَّا تزل تشير بإصبعها إلى النقوش كي لاينسى سينو أمرَ الترميم·

الصفحات