"نساء عند خط الاستواء"؛ مجموعة قصصية سعودية تم منعها؛ نقرأ منها: تنهدت بعمق، تذكرت أوجاعها، تمرغت ثانية في أوحال همومها، نظرت لساعة يدها، ما زال هناك متسع من الوقت لحين رجوع طفليها من المدرسة، شعرت بالضجر، لبست عباءتها، لم تكن تدري أين تذهب، شعور بالقرف وال
أنت هنا
قراءة كتاب نساء عند خط الاستواء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
لسعة برودة اقتحمت مساحات جسدي، أيقظتني من غيبوبة تأملاتي، أعادتني لحاضري، دمعة حاولت التملّص عبر مقلتيَّ، داريتُ انفعالات وجهي خلف نظارتي الشمسية، انتابتني حالة من جلد الذات، تذكرت ليلة الأمس·· كيف واتتني الجرأة على إزاحة الستار عن هذا الجسد، لشخص لا يربطني به عقد زواج!! هراء·· أعرف كثيرات يخنَّ أزواجهنَّ، لهنَّ علاقات خاصة، يبحثن عن متعهنَّ خارج أسوار الزوجية، يرفضن الاعتراف والخضوع لعقد الملكية· تبًّا للرجل، إن أعطته المرأة ازدراها بعد أن تُصيبه التخمة منها، وإن ضنّت عليه اتهمها بالرجعية والتخلف، تُراني امرأة مبتذلة لتفكيري هذا!! منظر النقود يلوح في ذهني، يتملكني الغيظ والحنق، صوت أمي يخترق مسامعي، يحضرني عبر مسافات الزمن فاطمة ادخلي للبيت· لا تدعي أحدًا يرى ساقيك· أصبحت شابة· دلفت إلى عالم الأنوثة عندما كنت أسألها: ماذا تعني كلمة أنوثة!! كانت تنهرني ما زلتِ صغيرة· غدا تكبرين وتفهمين لمحتني يومًا أقف في شرفة المنزل برداء يظهر جيدي وزندي يديَّ، ضربتني ضربًا مبرحًا، هددتني إن كررت هذا الفعل ستطفىء أعواد الكبريت المشتعلة في جلدي جسدك هذا لا يجب أن يراه سوى الرجل الذي سترتبطين به في المستقبل ما معنى الزواج يا أمي؟ تصرخ في وجهي أنتِ لست مثل أخواتك اللاتي يتقبلن تعليماتي بلا مناقشة لم تحاول إشباع نهم فضولي، بل إنها دون أن تقصد أثارت بدواخلي زوابع من الرهبة تجاه جسدي، ورسمت في فكري علامات استفهام كبرى·
أول مرة التقيت بزوجي كان في حفل مختلط، ذهبت دون علم أهلي، تحفّظت في الحديث معه، توجسي منه طغى على إعجابي به، نجح بيسر في إيقاعي بأساليبه المحترفة، أحببته بعنف، من أول خلوة لنا سلمته نفسي، اخترقت العالم المجهول الذي حذرتني دومًا أمي من الاقتراب منه، تذوقت المحظور بشغف بالغ، استمرت علاقتنا ثلاث سنوات، تقدّم بعدها لخطبتي بعد إلحاح شديد مني، طلقني بعد شهرين من زواجنا· في البداية لم أصدق أن تنتهي قصة حبنا بهذه النهاية المفجعة، شكّه كاد يدمرني، في إحدى مرات شجارنا سألته معاتبة لماذا تُحيطني بهذا الكم من الشك والريبة؟ أجابني باستخفاف كيف أثق بامرأة وهبتني جسدها قبل أن أتزوجها!! هربت من جحيم شكه، قررت نسيان تجربتي الأليمة، وضعتُ قضبانا قاسية على مشاعري، كنتُ بحاجة إلى هدنة مع ذاتي، حتىَّ كانت هذه الرحلة التي أيقظت حواسي النائمة، أتيت باريس للترويح عن نفسي، عندما التقيتُ بهذا الرجل، لم تردعني وصايا أمي، وتهكمات مطلقي في معاودة تذوّق طعم التجربة من جديد·
الطقس ازداد برودة، قطرات المطر عادت للتساقط كالسيل العارم، التصق ردائي المبلل بجسدي، أخذتُ ارتجف، أسناني تصطك، تذكرت أنني تركت مظلتي بالفندق، لعنت تهوري الذي أوصلني إلى هذا الوضع، تلفّت يمنة ويسرة آملة العثور على سيارة أجرة، توقفت سيارة عابرة بجواري، لاح لي شاب وسيم بداخلها، مد رأسه من النافذة، عرض باسما إيصالي، تجسّدت أمامي أحداث ليلة الأمس الحمراء، مرّت تفاصيلها في فكري، السهرة الماجنة التي امتدت للفجر، صدى فحيح نشوتي التي رويتها بوحشية، عينا الرجل النهمتان اللتان نهشتا مفاتن جسدي طوال ساعات الليل، حفنة الدولارات التي ألقاها بجواري، ألفيتُ نفسي أصيح بلغتي العربية، في صاحب السيارة: لا أريد الركوب· أغرب عن وجهي أيها الوغد· وتحركت من مكاني لاهثة، وسط ملامحه المشوبة بالدهشة والاستغراب·