"نساء عند خط الاستواء"؛ مجموعة قصصية سعودية تم منعها؛ نقرأ منها: تنهدت بعمق، تذكرت أوجاعها، تمرغت ثانية في أوحال همومها، نظرت لساعة يدها، ما زال هناك متسع من الوقت لحين رجوع طفليها من المدرسة، شعرت بالضجر، لبست عباءتها، لم تكن تدري أين تذهب، شعور بالقرف وال
أنت هنا
قراءة كتاب نساء عند خط الاستواء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أعلنت موافقتها، أقفلت الخط، شعرت بسوط من اللوم يلهب تفكيرها، صهد من التقريع يربض في أعماقها كيف وافقته على طلبه المجنون؟ نظرت إلى ملامحها في المرآة، كانت تعلوه صُفرة غريبة، عضلات وجهها متقلصة، يداها ترتجفان، قلبها يخفق بشدة، تساءلت في نفسها أكلّ هذا من أجل فنجان قهوة؟! لا، السبب أعمق من هذا· أنا معجبة بشخصيته، مبهورة بثقافته· هل أنا خائفة من الوقوع في حبه!! لكنه رجل متزوج، ولديه أبناء، بالإضافة إلى أن عمره يتجاوز ضعف عمري!! طردت الهواجس من أفكارها، حاولت التعامل مع الأمور ببساطة، وإقناع نفسها أن الصلة بينهما لا يجب أن تتجاوز علاقة أديب بكاتبة واعدة·
عندما دلفت داخل المقهى، رأته جالسًا في ركن منزو، منهمكا في قراءة إحدى المطبوعات، عرفته من صوره المنشورة دومًا في الصحف والمجلات، حيّته، جلست، طلب منها رفع وشاحها ليرى وجهها، تلفتت يمنة ويسرة، أزاحته بعد أن تأكدت من خلو المكان تقريبًا، إلا من طاولات قليلة متفرقة· نظر إليها مبهورًا كم أنت جميلة!! علت حمرة الخجل وجنتيها، أرخت أهدابها، قدّم لها كتابه الأخير بعد أن سطّر عليه عبارة إهداءإلى من تسرّبت روحها لنفسي لحظة رأيتها ابتسمت لكلماته، وضعت الكتاب بجانبها، أخذ يُحدق فيها بجراءة أكثر، اختلست النظر إليه، لاحظت شعيرات فضيّة في أطراف فوديه تُطل من غترته، شواربه السوداء تخللتها أيضًا بعض الشعيرات البيضاء· بدا في الحقيقة أكبر سنًا من صوره المنشورة، وقاره، ابتسامته الساحرة، أضفتا على ملامحه شعاعًا من الجاذبية الغامضة، مما قد يدفع الكثير من النساء للجري خلفه· لاحظت أنه ما زال يصب عليها نظرات الإعجاب، زادتها ثقة في نفسها·
سألته بلهفة: هل ستساعدني على الولوج لعالم الأدب؟
أجابها بثقة أعدك أن أقف بجانبك حتى تصبحي كاتبة مشهورة· هذا الجمال يستحق أن يتعب الإنسان من أجله
رفعت حاجبيها قائلة بانفعال تلقائي لا أريدك أن تساعدني لأني جميلة· المهم أن تكون مقتنعًا فعلاً بموهبتي الأدبية
سيدتي·· لماذا تأخذين الأمور على هذا المحمل من الجد!! ألا تعرفين أن قضيتي الأولى في الحياة المرأة والحب!!
حدجته باستغراب قائلة كنت أعتقد أن قضيتك الأساسية حرية الإنسان، والتزامه تجاه قضاياه· ألم تكن دومًا تدعو لهذا؟!
ضحك ضحكة صاخبة، اخترقت طبقاتها غلاف قلبها، غرست فيه خنجرًا من الصدمة في شخصه، أحسّت كأن صرحًا عظيمًا تهدّمت أعمدته في زوايا نفسها·
أنت خيالية· ولكنها على أية حال صفة مطلوبة في الأديب· سأسدي لك بنصيحة· حاولي دومًا الفصل بين واقع المجتمع، وبين نفسك· الحياة أجمل ما فيها ممارسة الجنون· مجيئك للقائي فيه شيء من الجنون، لكن ما زال عليك ممارسة الجنون نفسه
سألته باستخفاف وكيف ذلك؟!
بالخروج من دائرة الواقع· ممارسة أفعال يرفضها المنطق والعقل·· أتدرين ما عيب قصصك!! أنها جامدة، تنقصها حرارة التفاعل مع تجربة حية، تجريدها من القيود الاجتماعية، وأغلال الكبت والحرمان