أنت هنا
قراءة كتاب الإسلام خاتم الرسالات السماوية والظاهر عليها دراســة تحليليــة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الإسلام خاتم الرسالات السماوية والظاهر عليها دراســة تحليليــة
الصفحة رقم: 5
فالدولة الإسلامية وبالرغم من اتساع رقعتها .. وامتداد أطرافها .. فوصلت إلى الصين في شرقها… وإلى المغرب العربي في غربها … وإلى بلدان آسيا الصغرى وبحر قزوين في شمالها … وإلى المحيط الهندي وأواسط إفريقيا في جنوبها … نرى هذه الدولة إبان مجدها تجتمع على خليفة واحد .. وكيان سياسي واحد… يدافع عنه الجميع ويحمونه .. وحفاظاً على هذه الوحدة أجاز الفقهاء المسلمون قتال من يخرج على خليفة وإمام الأمة الإسلامية.
فهلا اعتبرنا .. ومن هذه الصورة العظمى اتعظنا .. فتحت راية الإسلام توحدنا فارتفعنا .. وبسبب بعدنا عنها تفرقنا فهوينا .. وبحملها ثانية نستعيد الوحدة والنهوض .. وإلى القمة بإذن الله ثانية نعود.
ج. الوحدة الاجتماعية : رقى الإسلام بالإنسان إلى ذرى لم ولن يتسنى له في أي شرائع أخرى: وضعية كانت أم سماوية ( ) … فهي عند الهنود تقسم المجتمع إلى طبقات … والحسب والنسب هو أساس تلك الطبقات .. فهناك طبقتان : طبقة البراهما وطبقة العبيد … ومن كان براهمياً فيجب احترامه .. ولا يجوز الخروج على أحكامه .. أما إذا كان الشخص ينتمي إلى طبقة العبيد .. فهو محروم من كل شيء .. لأنه في نظرهم لا شيء .. ليس له في العمل حق .. ولا حتى في الدين حق .. وحقه وواجبه يقتصران على خدمة الأسياد .. أرأيت كيف تسوغ شريعتهم رِقَّ العباد للعباد.
أما اليهود ومن بعدهم النصارى … فقد قصروا قربى الله سبحانه وتعالى ورحمته على أنفسهم من بين البشر .. فخاطبهم المولى عز وجل وتحداهم بقوله : " قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " (سورة الجمعة-6) .
هذا وقد اشتط اليهود أكثر من ذلك في تفرقتهم بين اليهود وغير اليهود الذين يدعونهم (غوييم) .. فهم إذ يُحَرِّمون الربا والزنا والغدر والخيانة فيما بينهم … فهم يحلونها عند التعامل مع غيرهم : " وذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " (سورة آل عمران-75) .. ولعل هذه النظرة إلى غيرهم هي التي أباحت لهم استخدام هذه (المحرمات) مع غيرهم و(المسموحات) فيما بينهم .. لتشكل ترسانة أسلحتهم الفتاكة في تنفيذ مخططاتهم وبرتوكولاتهم الشيطانية .
ثم جاء الإسلام ليمحو كل تفرقة بين إنسان وإنسان بسبب جنس أو لون أو غنى أو فقر أو جاه .. فبدأ أولاً بمحو التفاخر بالأحساب والأنساب الذي كان سائداً عند العرب في الجاهلية … فخاطبهم عز وجل : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله اتقاكم " (سورة الحجرات-13) .. وكذا كان الحال مع التفرقة بين العرب وغيرهم إذ يقول الرسول الكريم (ص) : " كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " .
ولعل هذه المبادئ والتوجهات كانت من أسباب فتح قلوب الناس للإسلام .. قبل أن تفتح الممالك والبلدان .. فالشعوب المقهورة في بلدان ومستعمرات كل من الفرس والروم كانت متلهفة للخلاص مما تعاني من جور حكامها وتسلط عساكرها من جهة .. ومن ظلم شرائعها وطبقات مجتمعاتها من الجهة الأخرى .. ولعل ما جاءهم به الإسلام من نسائم الحرية والعدل والمساواة وغيرها الكثير كان الدواء الشافي لأوجاعهم في ذلك الزمان .. ولعل الناس في هذا الزمان ما زالوا لا يختلفون عن أناس ذلك الزمان .. فهم ما زالوا بحاجة إلى الإسلام لعلاجهم من نفس هذه الأوجاع وغيرها من أشكال المعاناة والآلام .