قراءة كتاب ثماني غيمات لرجل ماطر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثماني غيمات لرجل ماطر

ثماني غيمات لرجل ماطر

المجموعة القصصية "ثماني غيمات لرجل ماطر"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2002؛ نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
رباعيّة··· ما
 
خرج من باب المستشفى مُمسكاً بيد زوجته حيث كانا يسيران بصمتٍ وبطءٍ متناهيين· وما إن دخل السيارة، واستقرَّ إلى جوار زوجته التي وضعت المفتاح في جهاز التشغيل حتى رسم شارة الصليب· لم تَكَدْ زوجته تصدّق ما رأته عيناها، حيث تركت المفتاح، ونظرتْ إليه بتمعّن ودهشة· هل فَعَلَها حقّاً بعد أربعين عاماً قضاها في الحزب الشيوعي يحارب الدين، ويدعو إلى مساواةٍ تنطلق من الإنسان وتعود إليه؟ وبعد خمس سنوات كان قد أمضاها في السّجن أيام شبابه ثمناً لآرائه؟ هل فَعَلَها حقّاً وهو الذي لم يدخل الكنيسة إلاّ في أفراحٍ ومناسباتٍ نادرة؟·
 
ورغم أنّ زوجته لم توافقه يوماً على آرائه، ورغم أن الإيمان كان يملأ قلبها، وكانت تزور الكنيسة بانتظام، فإنّها لم تفرح حين رأته يرسم الشّارة، ولأوّل مرة يتحوّل حبها له، ورُعبها من المرض الذي ألَمَّ به إلى ما يشبه الشعور الغامض·· إنّه شعور تائه ومختلط بين الشفقة، والألم، والحسرة، والهزيمة، والرغبة في البكاء!! الهزيمة؟! وتساءلت في سرّها كيف تشعر بالهزيمة، وصَلاتُهُ انتصارٌ لصمودها في وجه اللادين؟ غير أنّ مشاعرها المختلطة عادتْ وتغلّبت عليها وهي تتساءل في سرّها مرة أخرى: هل كنتُ راضية، أو حتى سعيدة حين كان يدافع عن الشيوعيّة حتى في لحظة انهيارها؟!
 
قالت: ميخائيل·
 
فنظر إليها ببرود وتمعّن·
 
قالت: لا بدّ من التمسّك بالأمل·
 
حوّل بصره عنها فقادت السيارة بصمت·
 
ها هو الدكتور ميخائيل في عمّان منذ بضعة أشهر، وعلى وجه الدّقة منذ أنْ أدرك أنّ السرطان قد استفحل في جسده، وبعد أنْ أحال نفسه إلى التقاعد من الجامعة التي كان يعمل بها في مدينة الزرقاء كأُستاذ للأدب الإنجليزي عُرِفَ بكفاءته العالية، سواء من خلال أبحاثه الرّصينة، أم من خلال محبّة طلبته غير العادية له، وتعلّقهم به·
 
ورغم أنّ سَكَنَهُ في عمّان كان نابعاً -في أحد أبعاده- من رغبته في البقاء قريباً من المستشفى، والأطباء المعالجين له، إلاّ أنّ اكتشافه لرباعيّةٍ ما في شارع المصدار كان سبباً آخر -وربما أقوى من الأوّل- دفعه للسكن في منطقة قريبة من ذلك الشارع، مع أنّه شارع لا يخلو من بعض الضوضاء، وهو في أمَسّ الحاجة للهدوء·

الصفحات