أنت هنا

قراءة كتاب الأعمال القصصية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأعمال القصصية

الأعمال القصصية

"الأعمال القصصية"؛ رغم ان بعض هذه المجاميع الست التي يضمها المجلد قد طبع أكثر من مرة سواء في بغداد أو بيروت أو دمشق أو القاهرة فإن طبعاتها قد نفذت كلها وأصبح العثور على نسخة منها أمرا متعذرا·

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
كان هذا الصوت لواحد من أتباعي، لكني لم أرد عليه بشيء، وبقيت أحتسي قهوتي ببرودي الذي تذكرينه، إنني متعب الآن حتى الموت، لقد مللت كل شيء، أشتهي أن أختلي مع نفسي لأحلم ولو للحظات· الحلم، هذا العالم الواسع لم أجد الوقت لاختراقه، للطواف فيه·
 
قمت ببطءٍ وتحسست سيفي، كان طويلا ومرعبا، كم قطع من رقاب! لكنه سيصدأ بعدي فلن يطيق حمله أحد غيري· وببرود حملته وسرت يتبعني قوادي وأنا صامت لا أشعر بشيء ووجهي (مقفل)، أريد أن أضحكك الآن يا أمي بواحدة من حكاياتنا الخاصة جدا فالدنيا لا تساوي شيئا ونحن محاصرون الآن، وبعد قليل سأنتهي مخلفا حكاية بلهاء، أتذكرين حكاية وجهي (المقفل)؟!
 
لقد تذكرتها أنا في موقعة البارحة ودمائي تنزف من ساعدي، بعدما صرعت فارسا ذا وجه حقيقي، وجه فيه شيء لا أدركه؟ انه صريح يا أمي لم يلفحه زيفنا بعكس وجهي (المقفل؟!) أتذكرين أنك قلت لي يوما في مطلع شبابي (ما بك واجما ووجهك مقفل؟!) وقد ضحكنا في وقته من هذا الوجه (المقفل) لا أدري لم ضحكنا من هذا الوجه (المقفل) وأي سر في هذه الكلمات؟!
 
لكنها نكتتنا ولن تهم الآخرين، وكم تذكرتها في قلب المعارك فتندفع البسمة الى شفتيّ بينما ينغرس سيفي في قلب عدوي؟!
 
وأحاط بي جنودي مخذولين فقد تسربت إلى صفوفهم أنباء الجيش الذي يحاصرنا، همس في أذني أحد أتباعي: (اخطب فيهم يا سيدي، قل كلمة تدفعهم للقتال فهم يحبونك وأنت ملاذهم الآن؟!) ثم ابتسمت : (هل أعيد على أسماعهم نفاقي الأول؟!)·
 
سحبت سيفي من غمده وتطلعت الى وجوههم المغلوبة قبل المعركة وكان القمر يتوسط السماء وكأنه يضحك من سخفنا إذ سنقاتل بعد قليل وتخر أجسادنا صريعة فوق هذه الأرض السبخة·
 
كان ضوء القمر يتكدس في نصل سيفي وأنا أحركه يمينا وشمالا بينما تصفع كلماتي أسماعهم، ولقد نسيت ما قلته في وقته لكن أحد أتباعي قال لي بعد أن فرغت: (لقد كان خطابك مؤثرا يا سيدي وسيزيد في اندفاعهم للقتال)·
 
وكنت أعرف جيدا بأنه ليس كذلك ولكنهم يتملقونني، الكل متملقون ومنافقون هنا، لذا أكرههم فهم يكرهونني في أعماقهم، وأصبحت أحترم من لا يحبونني فهم وحدهم يدركون حقيقتي·
 
قلت لجنودي : (اتبعوني) ففعلوا ما أمرتهم به، وقدتهم الى مضارب الأعداء، ونحن متعبون جدا، نفوسنا متعبة وخيولنا أكثر منها تعبا· وبعد لحظات ستحتدم المعركة·

الصفحات