"الأعمال القصصية"؛ رغم ان بعض هذه المجاميع الست التي يضمها المجلد قد طبع أكثر من مرة سواء في بغداد أو بيروت أو دمشق أو القاهرة فإن طبعاتها قد نفذت كلها وأصبح العثور على نسخة منها أمرا متعذرا·
أنت هنا
قراءة كتاب الأعمال القصصية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الأعمال القصصية
الصفحة رقم: 10
لن تحب أبدا وستظل دوما تضع المبررات للسقوط الذي لا تنفك من اقترافه في لياليك الباردة وأنت تصطاد العاهرات من الدرب لترميهن بعد وقت قصير ولا تحاول أن ترتبط بالتزام أنظف، ولم أكن صافية عندما جئتك فقد مستني بعض الأيدي، خدعوني بأنني سأربح التجربة، ولكن أية تجربة ربحتها منهم وأنا أراهم يلعقون حلمتي كالكلاب؟ ثم يضع كريم يده على كتفك ويقول:
- هل فكرت يوما بأننا مرفوضون قبل أن نكون رافضين؟
- ولم، أفكر؟
- وأن تلوثك فطري؟
- لن أقتنع بتشخيص سريع لحالتي·
- لكن الحل عندي
- وأين يستقر؟
- فوق موائد الحانات
وقهقهتما، والتفت صوبي كريم قائلا:
- إنه ثقيل الظل صاحبي هذا، وأعتقد بأن عليك مجالسة زميل آخر يحدثك عن أفلام الأسبوع وجديد الاسطوانات التي تصل بغداد أما هذا الجلف فسيعقد أفكارك ويشوهك، وأنت تجالسينه لكنني أجزم بأنك لم تربحي منه ما يفرحك، وقد يشدك غموضه المفتعل، رغم إنه فارغ كالطبل، وبحره فظيع لم يجازف بخوضه بحار وستغرقين فيه·
وابتسمت (رد فعل مضحك) لم يكن في حديثه شيء جديد فأنا أعرفه منذ أن اخترت طريقك، لكنك كنت تنظر في عيني مرات (عقاب دون ذنب) وها أنت قد عدت الآن لتتأملهما من جديد، وكان هذا سببا في أن أصمت دون أن أرد عليه بشيء·
- أنا أعرف بأنه لم يؤثر فيك وأنت لم تؤثر فيه أبدا، لأن لكل واحد منكما أبعاده القائمة وحدها ولكنكما تلتقيان في الغربة التي تعيشانها، كل واحد منكما يحمل جنسيته الخاصة ويرطن بلغة ترابه ولكنكما هنا بين هذه الجدران تطالعان الكتب نفسها وتجيبان لى أسئلة واحدة يطرحها عليكما أستاذ مخضرم له نظارات ورأس وأفكار من الواجب أن يكون مكانها القبر، ووحدي التي تحاول حفظ لغتكما لأرددها أمام نفسي بلذة من يصل إلى كنه سر حاول جاهدا إدراكه، ولذا تراني اليوم أحبك بتصوف ذليل وأنثر زهراتي البكر في دربك الأسود، وتظل تتمعن في عيني، وتلف وجهك غيمة الدخان، والمجلة لا زالت مفتوحة عند الحورية العارية ورأسها الشامخ يمتد إلى أعلى كرأس فرس أصيلة ورأسي مطأطأ عندك دون أن تترك لي المجال في أن أعطي رأيي بشيء فقد امتدت أرجلك (أيها الأخطبوط الشره) إلى كل زاوية من زواياي السرية ورقدت فيها، لذا أتنفس الآن بثقل وسأموت يوما في حضرتك وأنا أجلس على كرسي تلميذة مواظبة تضع كتبها على ركبتيها وتحلم بالسماء الزرقاء الصافية وبثوب أبيض يكسو جسدها البكر·

