" خندق النار" للكاتبة أنيسة الزياني، يضم قصصاً قصيرة ، في هذه المجموعة القصصية تطرح "أنيسة الزياني" توليفة من الأقاصيص القصيرة التي تسرد فيها بعضاً من معاناة أبناء جيلها، وبعضاً من ذكراياتها القديمة التي حولتها عبر يراعها إلى كلمات نسجت منها مجموعتها هذه ال
أنت هنا
قراءة كتاب خندق النار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
الكلب وحوض الزهور
حفرنا في المنزل حوضاً صغيراً لزرع بعض الزهور الجميلة التي يعتقد أخي بأنه لا بد من وجودها في كل منزل، وحين أصبح الحوض جاهزاً للزراعة بدأنا بغرس بعض شتلات الزهور، تمضي الأيام وفي كل صباح نتجمع حول النبتات الصغيرة التي بدأت تنمو ببطء، ولم يخطر ببالنا أن هناك من يرقب بحزن شديد فرحنا بنمو هذه النباتات·
بعد فترة ليست بقصيرة بدأت بعض براعم الزهور بالتفتح وكأنها ترينا حقيقتها الجميلة التي أخفتها عنا طويلاً، إنها زهور ملونة جميلة تفوح منها عند الصباح والمساء رائحة لا يمكن نسيانها، إننا لا نستطيع قطفها خوفاً من فقدان الغصن الجمال الذي أضفته عليه هذه الأزهار·
ذات صباح سمعنا أخي يتحسر، وعند اقترابنا منه لمعرفة السبب تبين لنا أن هناك من اقتلع الغصن بأزهاره وبراعمه من الأرض، بعد حين اتضح لنا أن كلبنا الصغير هو الذي قام بهذا العمل، لسنا نعلم لماذا، المهم أنه استطاع اقتلاع الغصن الذي استرعى انتباهنا واهتمامنا كله، لقد كان ينظر إلينا من بعيد وكأنه لم يقم بهذا العمل إلا للهو فقط، لم نعاقبه على عمله بل عاودنا زراعة الحوض مرة أخرى، ووضعنا البذور في الأرض، وانتظرنا نموها بصبر شديد غير ناسين شجرة اللوز التي بدأت تنمو بسرعة، إلا أننا تظاهرنا بعدم اهتمامنا بها وهذا ما لاحظه الكلب الصغير حيث لم يبال بها وبنموها السريع، ولم يحاول اقتلاعها كما فعل مع الزهور من قبل·
وحين نمت البذور وقبل بدء تفتح براعمها، عاد الكلب للهوه المصطنع فبدأ يحفر الأرض بأرجله وأخذ يقتلع الأغصان، ويخرج بعض البذور التي لم تنبت بعد··· حسناً لم نعاقبه·· ترى ما السبب؟ إنه رغم استطاعته الانتصار في كل مرة إلا أن انتصارنا نحن كان أكبر، حيث بدأت شجرة اللوز تطرح ثمارها، وامتلأت أغصانها بحبات اللوز الصغيرة، وأصبحت الشجرة تظلل جزءاً كبيراً من المنزل، ولم تعد بنا حاجة للجزء الباقي من الحوض، فبدأنا بردمه مكتفين بالجزء الصغير الذي استطاعت شجرة اللوز أن تثبت نفسها فيه، وفي الليل نجلس تحت الشجرة نتسامر بالأحاديث والكلب يجلس بالقرب منا هادئاً يرنو ببصره إلى أعلى الشجرة، إنه لن يستطيع اقتلاعها مهما فعل فقد أصبحت قوية راسخة·