عمر والحسين وجهان لمنهج إسلامي أصيل - روح استشهاد لبناء دولة الحق وهدم الباطل
أنت هنا
قراءة كتاب عمر والحسين وجهان لمنهج إسلامي أصيل وروح استشهاد لبناء دولة الحق وهدم الباطل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

عمر والحسين وجهان لمنهج إسلامي أصيل وروح استشهاد لبناء دولة الحق وهدم الباطل
الصفحة رقم: 4
اغتيال عمر بن الخطاب
يجمع المؤرخون المسلمون على أن اغتيال عمر بن الخطاب كان نتيجة خطة يهودية مجوسية رومية، نفذت على يد أبي لؤلؤة الفيروز العبد المجوسي، وحيكت في الظلام بأيدي مجموعة من ألد أعداء الإسلام.
ويروي الطبري وابن كثير في تاريخهما، حادثة استشهاد عمر الفاروق التي اختصرها الشيخ محمد الخضري في كتابه تاريخ الأمم الإسلامية فيقول: كان المسلمون يسْبون من أبناء فارس ومن جاورهم من العجم الوثنيين في حروب الفتح الإسلامي في إيران وأرض المشرق، وكانوا يتخذون أسرى الحروب عبيداً لهم، وقد أحضروا عدداً منهم إلى المدينة، وقد كثر عدد هؤلاء الموالي أثناء فتح العراق وفارس في عهد عمر وكان بعض هؤلاء يختلفون إلى الهرمزان (أحد القواد الفرس في الدولة الساسانية التي سقطت بعد الفتح الإسلامي) الذي أضاع عمر مركزه وملكه وأقامه في المدينة كغيره من الموالي والجنود في الجيش الفارسي المكسور والمنقرض.. ومن هؤلاء السبايا رجل اسمه فيروز، ويكنى بأبي لؤلؤة، وكان هذا الغلام مولى للمغيرة بن شعبة وكان مجوسياً.. فبينما كان عمر يطوف يوماً في السوق لقيه ذلك الغلام فقال: يا أمير المؤمنين، عليَّ خراج كثير، قال: وكم خراجك ؟ قال: درهمان في كل يوم، فقال عمر: وما حرفتك؟ قال: نجار ونقاس وحداد، قال: فما أرى خراجك للمغيرة بكثير.. وقد بلغني أنك يمكن أن تعمل رحن تطحن بالريح، قال: نعم، قال: فاعمل لي رحى، قال: إن عشت لأعملن لك رحى يتحدث بها من في المشرق والمغرب ثم انصرف عنه، فقال عمر: لقد توعدني العبد. فلما كان من الغد، جاءه كعب الأحبار، فقال: يا أمير المؤمنين، أعهد فأنك ميت في ثلاثة أيام، قال: وما يدريك: قال: أجده في التوراة، قال عمر: والله أنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال: اللهم لا، ولكن أجد صفتك وحليتك وانه قد فنى أجلك، وعمر لا يحس وجعاً ولا ألماً. ثم جاءه كعب الأحبار في اليوم الثاني والثالث، ليؤكد عليه تلك النبوءة ( ).
وفعلاً نفذ أبو لؤلؤة الفيروز وعيده، وقتل الإمام العادل عمر بن الخطاب الذي وصف الإمام علي خلافته وانتشار العدل والأمانة في عهده بقوله له: (يا أمير المؤمنين لقد عففت فعفت الرعية، ولو رتعت لرتعوا)( )، قتله في صلاة الفجر في أواخر شهر ذي الحجة لسنة 23 هـ حيث طعنه بخنجر ست طعنات، إحداهن تحت سرته، وهي التي قتلته وقتل معه كليب بن أبي البكير الليثي وكان خلفه في الصلاة، ونادى عمر عبد الرحمن بن عوف، وقال له: تقدم فصل بالناس وعمر طريح، ثم احتمل فأدخل داره، وقال: من الذي قتلني؟ فقال ابنه عبد الله بن عمر: قتلك أبو لؤلؤة، فحمد الله إن لم يقتله رجل سجد لله سجدة، وقد كانت وفاته في الأول من المحرم لسنة 24هـ، وقد طعن فجر يوم 27 ذي الحجة سنة 23هـ.
وشاع بين المسلمين عقب طعن عمر، إن قتله لم يكن عمل أبي لؤلؤة بل كان هناك أشخاص اشتركوا في دمه فقد قال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق غداة طعن عمر: مررت على أبي لؤلؤة أمس ومعه جفينة( ) والهرمزان وهم نجي، فلما رهقتهم ثاروا وسقط منهم خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، فانظروا بأي شيء قتل عمر، فجاءوا بالخنجر الذي ضرب به أبو لؤلؤة، فإذا هو على الصفة التي وصفها عبد الرحمن، وكان رجل من تيم قد تبع أبا لؤلؤة فقتله وأخذ منه الخنجر( ). فلما رأى ذلك عبيد الله بن عمر أمسك حتى مات عمر، فاشتمل على سيفه فأتى الهرمزان فقتله، ثم مضى حتى أتى جفينة فقتله.
ولما سمع بذلك صهيب وهو القائم مقام الخليفة، أرسل إلى عبيد الله بن عمر من أتى به وسجنه، حتى يتم أمر الاستخلاف وينظر في أمره. فحكم عثمان في هذه القضية بعد التشاور، بأن جعلها دية واحتملها من ماله، لصعوبة التحقق في دور الجناة في قتل عمر، وحجم ذلك الدور، ولتسرّع عبيد الله بن عمر إلى قتلهم دون الرجوع إلى القضاء، وهي أول قضية نظر فيها عثمان في عهده( ).
إن مقتل عمر كان أول فاجعة كبرى واجهت المسلمين في أوج عظمتهم وقوتهم الروحية والمعنوية والمادية في عهد الفتح والانزياح في الأرض لنشر رسالة الإسلام شرقاُ وغرباً وباكورة التآمر على الإسلام وصد نوره وقوته بعد تمكنه من الطواغيت والقوى الكبرى والنفوس والشعوب العطشى لعدالة الإسلام ونوره المبين: ولعله أول تحالف لقوى الظلم والجهل والشرك والوثنية والشيطان ضد الحق والتوحيد الذي منَّ الله به على العالمين.
ولعل شهر محرم الحرام الذي شهد في مطلعه استشهاد عمر الفاروق وفي العاشر منه استشهاد الحسين هو نفسه الشهر الكريم الذي يحتفل به المسلمون لمناسبة الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. فهو الشهر الحرام الذي شهد هذه المآثر والمكارم والتضحيات الإسلامية، يدعو المسلمين إلى توحيد الجهود والصفوف والتواصي لكشف تآمر الأعداء ودور محاور التآمر لبث سمومهم بين المسلمين، فحق لنا الاحتفال بتلك الذكريات العظام.