رواية "حارس التبغ"؛ تروي حياة الموسيقار العراقي كمال مدحت ، الذي اختطف وقتل في العام 2006 على خلفية غامضة ، وتكشف عن شخصياته الثلاث : فهو الموسيقار اليهودي يوسف صالح الذي هاجر الى اسرائيل في الخمسينات ، ولم يطق العيش هناك ، فهرب الى ايران بشخصية حيدر سلمان
أنت هنا
قراءة كتاب حارس التبغ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
وهكذا بينت حياته بشكل لا لبس فيه زيف ما كانوا يطلقون عليه الهوية الجوهرية، ذلك لأن حياته تبين إمكانية التحول من هوية إلى هوية عبر مجموعة من اللعبات السردية، فتتحول الهوية إلى قصة يمكن الحياة فيها وتقمصها، وهنا يطلق هذا الفنان ضحكة ساخرة من صراع الهويات القاتلة عبر لعبة من الأسماء المستعارة والشخصيات الملتبسة والأقنعة الزائفة، وفي غمرة الحرب الطائفية في بغداد قبل مقتله، زاره أبناؤه الثلاثة، فكشفوا عن هذا الإسقاط الهوياتي بصورة واضحة، فمئير يهودي من أصل عراقي هاجر من إسرائيل إلى أميركا، والتحق بالمارينز وجاء ضابطاً في الجيش الأميركي إلى بغداد، وهو ثمرة شخصيته الأولى، وحسين بعد تهجيره إلى طهران ارتبط بهوية شيعية، وانتظم في الحركة السياسية الشيعية وهو ثمرة شخصية الأب الثانية، وعمر كان سنياً يحاول أن يدعم هويته من تراجيديا إزاحة السنة عن الحكم في العراق بعد العام 2003 وهو نتاج شخصيته الثالثة، وكل واحد منهم كان يدافع عن قصة مصنوعة ومفبركة ومزودة بالكثير من العناصر السردية والوهمية، والتي يعيش كل واحد منهم فيها بوصفها حقيقة·
وهكذا تبينحياة كمال مدحت أن الهوية ترتبط على الدوام بواقعة سردية، فهي حكاية تلفق أو تفبرك أو تسرد في لحظة هي مطلقة الاعتباطية، في لحظة تاريخية مموضعة يتحول الآخرون فيها إلى آخرين، وأغراب، وأجناب، ومنبوذين أيضاً· وهكذا تبين حكاية هذا الفنان أن الهوية هي حركة من حركات التموضع وسياسته، فما إن تجد لها موضعاً في حركة تاريخية معينة، حتى تغيره في لحظة تأريخية أخرى، فكل هذه المجاميع التخييلية تبدأ بسرد مفبرك ومخترع لتنفي الاختلاط وتداخل الهويات، كما أنها تكشف عن هذه الأطر المتوهمة والمصنوعة والمفبركة في لحظة تاريخية معينة، فهي مفتريات روائية Fiction، وهي سرد Naration فكل جماعة وهي تفقد جذورها في الزمان فإنها تعمد إلى استعادة أفقها المفقود، ولا يمكن لها استعادته إلا من خلال السرد والخيال