رواية "سيدة الملكوت"؛ هي نشيد طويل طويل منحاز دون مواربة إلى أنوثة العالم في أجواء متداخلة وحافلة بالسحر والغموض تنساب قصة حب وصراع الكائنين الفانيين / الأبديين..
أنت هنا
قراءة كتاب سيدة الملكوت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
- أنا كارين، ولكن ما شأن عائلتك والطائرات؟!
- إن لعائلتي مزايا لدى الإله نسميها في بلادنا كرامات، وإحدى هذه الكرامات هي أننا نعرف بإشارات معينة موعد حلول منيتنا، وأنا أعرف أنني لن أموت بهذه الطائرة· هل أنت متأكدة أنك ستكونين على الرحلة نفسها؟·
- ها ها ها·· نعم··· إن هذا جنون، لكنني سأصدقك·
ألصق ظهري بالمقعد وأضغط زر التراجع· هذا أفضل· أشعر بالاسترخاء· أغمض عيني بهدوء، ويغيب صوت هدير الطائرة· أغرق في الأسود· شيئاً فشيئاً ينقلب الأسود إلى أسود، أسود حتى الغياب، وأرى نورا· يغيب كل شيء ويبقى وجه نورا الذي يقول لي: إنه قرارك هاني· نورا التي وضعتني مرة أخرى على الصراط عندما جئت إليها لأعرض لها المأزق الذي وصل إليه وجودي في باريس· قلت لها: هذا أنا نورا· ممزق بين خيارين·· من جهة أنا محبط وعاطل عن العمل في مدينة طاحنة مثل باريس، ولكن الفرنسيين على وشك منحي اللجوء السياسي· لدي حق العمل ولكن لا عمل في باريس· علي أن أصبر لكنني غير متعود على استدانة النقود من أحد· ومن جهة أخرى أنا أملك عقد عمل كمدير تحرير لمجلة نسائية محترمة في قبرص· هناك عمل لكن المستقبل مخيف، وقد أفقد فرصتي لدى الفرنسيين فلا أعود· هذا أنا، ممزق بين خيارين وعلي اتخاذ قرار بقائي أو مغادرتي دون تأجيل لأن فرصة العمل لن تنتظر·
أرى وجه نورا وهي تسألني إن كنت درست خياراتي جيداً· وأقول لها إنني أفضل البقاء ولكني أحس أنني أصبحت عبئاً على الجميع في باريس· لم أعد أستطيع الكتابة· لقد حجّرتني هذه المدينة· أرى وجه نورا الصامت، وأضيف: إنني لم أوضع في حياتي بمثل مطحنة هذا الخيار، أحس أنني ضائع وأريد ذريعة واحدة للبقاء· أقول لها أريد ذريعة واحدة للبقاء وأنا أريدها أن تطلب مني البقاء· أرى وجه نورا المحرج الموزع بين نارين وهي تقول لي: إنه قرارك هاني·
أرى وجه نورا وتدمع عيناي· نعم إنه قراري لكنني أردتك أن تطلبي مني البقاء نورا، ليتك طلبت مني البقاء وجنبتني رياح هذا الشقاء، ولكن هل كنت سأبقى لو طلبتِ ذلك!؟·· ألم يعنِ لي كلامك أنك تطلبين مني الرحيل، أم أنني فسّرته هكذا لأنني أريد الرحيل·· يا لشقائي فيك أيها الحب الذي لا يبدأ إلا لينتهي ولا ينتهي إلا ليبدأ·· يا لشقائي وأنا أحس أنني مثل جدي آدم على صراط تفاحته: (أنا أفهمك يا جدّ) أقول لجدي آدم مواسياً إياه وأنا عارٍ في أول خطوة لتعاسته على الأرض، يقول لي وهو يواسيني عارياً لكن بربطة عنق أنيقة في أول طيران لي في السماء: (إنني أفهمك يا صغيري)، ونضحك· يا لشقاء الرجال· لقد مهرنا أنفسنا بلعنة اختيار العذاب المعذبة التي لا تزول·· وأنا غادرت جنتي·