رواية "سيدة الملكوت"؛ هي نشيد طويل طويل منحاز دون مواربة إلى أنوثة العالم في أجواء متداخلة وحافلة بالسحر والغموض تنساب قصة حب وصراع الكائنين الفانيين / الأبديين..
أنت هنا
قراءة كتاب سيدة الملكوت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
غاب عني الحشد الكبير الموزع في الصالة حول كمال ولوحاته، وتجلّت أمامي الفراشة واضحة وهي تبتعد قليلاً عن الفتاة، ثم ما تلبث أن تدور حولها؛ فتجعل عينيها وهما تتابعانها تومضان قبل أن تستقرا عليها وهي تأخذ مكانها فوق زهرة برية في اللوحة·
رأيت عيني سلام تتملصان من استلاب الفراشة الغريبة لهما، وتلتقيان بعيني كمال، تردّان على تحيته بابتسامة عريضة منداة جعلته يحمرّ خجلاً من انكشاف لعبته، ثم يرتد للحديث مع المعجبين حوله، وسمعت بوضوح غريب صوت كمال الذي لم يحرّك شفتيه بحرف يقول: (لقد وصلتها رسالتي) قبل أن ينتشلني معاذ من بقايا سرابات جنوني·
- لقد اشتقنا إليك يا رجل· كيف هي دمشقك؟·· قال لي وهو يسحبني في اتجاه لوحة قرويات يحصدن القمح تحت سياط أفق مشتعل بالنار، وأضاف··
- عندي لك مفاجأة ستذهلك، ولكن قبل ذلك قل لي، ما أخبار سيدة غلافك!؟
أصبت بالدهشة، وأحسست أن ثمة عاصفة تقترب لتهز حياتي· حاولت تمالك نفسي··
- أية سيدة وأي غلاف؟!·· قلت·
- غلاف مجلة (الآداب الأجنبية) قلت لي إنك مرتحل من حلب إلى دمشق لتتزوج مصممة لا تعرفها·· قال معاذ ذلك ببراءة الطفل وتخابثه، الذي يحمله في بريق عينيه وأسنانه الأمامية الجميلة المتباعدة، وومض في مخيلتي غلاف المجلة مثل برق لمع فجأة ليصيبني بالدوران·· انفتح الغلاف كاملاً أمامي وكأنما يفتح كوة على هوة مصيري· هاهي ذي مرة أخرى طفولة العالم بين يدي، شريط من الأخضر والأزرق والبني تتنافر ألوانه وتتآلف ببساطة انسياب ماء جدول· أخذني الماء وانساب بي بين جوانح غابات صنوبر تخفق، واستطعت أن أشم رائحة الصنوبر، وأن أصل إلى نقطة الهذيان / يا أمي خذيني الآن· ردّد الصوت داخلي وانفتح وجه الأفق أزرق مثل بحر أزرق يتموج بهدوء ويدعوني·
- ماذا جرى لك!؟·· ألمح في وجهك حالة الانجذاب نفسها التي رأيتها فيك عندما شاهدتَ الغلاف لأول مرة· قال معاذ ضاحكاً ومحاولاً انتشالي من غرقي، وحاولت بدوري التماسك· ضحكت·
- هل قلتُ لك· أنا· إنني ذاهب إلى دمشق لأتزوج امرأة لا أعرف منها سوى لوحة غلاف صممته!؟·