الكتاب من القطع الصغير ويقع في 100 صفحة؛ قال المؤلف في التعريف بالكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الموت بوابة الخلود
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الموت بوابة الخلود
الصفحة رقم: 5
ونفخة ربانية،
هذه النفخة تجلّى وجودها وأثرها وصفاتها من خلال هذا الجسد الطيني الأصل،
ويبدو أن من أراد الظهور في عالم الشهادة الأرضي لا بدّ له من جسد، شأنه في ذلك من باب التقريب شأن من يلبس البدلة الفضائية من رواد الفضاء الذين يخرجون خارج الجاذبية الأرضية، وبغير هذه البدلة لا يستطيعون الاستمرار في الحياة.
فهذا الجسد هو بدلة الفضاء للنفخة الربانية التي صار بها الإنسان إنسانا، وكائنا مكرما، له من القدرات ما ليس لغيره من الأحياء التي تشاركه هذه الأرض.
ولعل مما يزيد الأمر وضوحا أن الملائكة حين يدخلون عالم الشهادة في الأرض يلبسون جسدا أرضيا يمكن إدراكه بالمشاهدة والتعامل معه،
ولذلك حين طلب المشركون أن يكون الرسول ملكا قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الأنعام: 9].
ويدل على ذلك ما كان من أمر جبريل عليه السلام حين جاء مريم وقال القرآن الكريم عنه: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [مريم: 17].
وكذلك حاله في الحديث المشهور الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جاء النبي وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأماراتها، فقد ظهر في صورة شخص شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر حتى خفي أمره على الصحابة، وورد أنه كان يظهر في صورة دحية الكلبي .
أخلص من هذا إلى أن النظر إلى الموت من خلال الجسد الفاني المتحلل في القبر، وغياب الجزء الآخر من الصورة عن أذهاننا، صورة ما يكون من أمر الميت في عالم الغيب بعد أن اختفت صورته من عالم الشهادة، ذلك النظر يؤدي إلى قصور في تصور الموت.
الموت ليس فناء بل هو انتقال إلى مرحلة جديدة في مسيرة الإنسان من لحظة خلقه في عالم الغيب: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الأعراف: 172].
إلى لحظة توجه الناس زمرا: المؤمنون إلى الجنة والكافرون إلى النار،
ويمر الإنسان ما بين اللحظتين بمراحل يعي بعضها ومراحل لا يعيها.
فمن منا يذكر مرحلة الرحم والولادة ومرحلة ما قبل الوعي والتذكر ؟
معنى هذا أن إدراكنا لحقائق الوجود محصور بوسائل الإدراك من سمع و بصر وحواس أخرى وفؤاد أو قلب أو عقل، ووراء ما ندرك عوالم وحقائق لا يعلمها إلا الله ، قد نطلع عليها في رحلة وجودنا.