رواية "تحت سماء الكلاب"؛ إنها عمل أدبي مميز يسرد فيه صلاح صلاح حكايات الألم العراقي وتغلغل المخابرات الإسرائيلية في الأحزاب العراقية وشمال العراق.
قراءة كتاب تحت سماء الكلاب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
أحسست بطعم المرارة القاسي وأنا أفكر بهؤلاء الناس، ثمة إحساس بالثورة على هذا الزيف النتن الذي يغلف الأمكنة والأرواح· كنت أريد أن أقف في منتصف الشارع الستيني وأقول، هلموا إلي أيها المتعبون، هلموا إلي أيها الفقراء لأريكم سوءة رؤساءكم الذين يأكلون الكافيار ويخزنون الذهب بديمقراطية عظيمة، فيما أنتم تبحثون عن لقمة الخبز وقدح اللبن الأربيلي (الماستاو) فلا تجدون·
زميلي كان مسمراً وهو ينظر إلى السيارات الفارهة· ينظر بعمق ودراية، لكن لم يكن يحدثني عما يجري، ولم أحاول أن أسأل عن شيء محدد لأنني ببساطة لا أعرف ماذا يدور· للإنسان بشكل عام والكردي بشكل خاص ميزة إخفاء الأسرار· هو لا يقول لك شيئا· لا يحدثك عما يمكن أن يحدث· أخذت أتذكر أبو أسو، الشخص القيادي في الاتحاد الوطني، والذي استقبلني وعائلتي بعد وصولنا إلى أربيل· لم يحدثني هو الآخر عن مجريات الأمور، عما يحدث أسفل الطاولات أو خلف الكواليس·كنا نشرب الشاي وكان هو(يدشلم)، لكنه لم يتحدث بشيء عن مجريات الحرب الجديدة التي تدور على جبال بعيدة بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية بين جماعة جلال طالباني وجماعة مسعود بارزاني - الحزب الديمقراطي الكردستاني - كانت جماعة جلال قد بدأت الحرب بأن دخلت الأراضي الإيرانية بالتعاون مع المخابرات الإيرانية (الاطلاعات) لتقوم بالالتفاف على جماعة مسعود، وحدثت معارك قاسية هناك· تحالف جلال مع الايرانيين فيما تحالف مسعود مع الأتراك· وفي ذلك اليوم، يوم بدأت المعارك، صرح جلال بتصريحه الكبير والمتشفي بمسعود الذي سوف لا يمنحه فرصة النظر إلى أربيل إلا عبر منظار مكبر· كان جلال محقاً في تصريحه هذا، إذ أخذت تتدفق على أربيل أسلحة إيرانية جديدة وكثيرة، كذلك دخل الإيرانيون إلى مسافات هائلة في العمق العراقي ووصلوا إلى حدود معسكرات اللاجئين الأكراد القادمين من إيران، والذين بدأوا بقصفهم بشدة بالهاونات والراجمات· المساكين لم يكونوا يعرفون أين الهرب بعد أن باعهم جلال بثمن رخيص جدا· الشيء المهم الذي لاحظته دائما هنا، أن القادة الأكراد لا يثبتون على ولاء، وبإمكانك شراؤهم بثمن رخيص جدا، كأن تمنحهم أسلحة قديمة أو جوارب أو بذلات مرقطة·
كانت السيارات الفخمة للقادة الأكراد الذين يزورون عادل مراد مسؤول الإعلام لحزب جلال، مثار اهتمام لزميلي الذي كان ينظر إليها بوله غريب· لا أدري لم راودتني فكرة أن لا شيء حقيقياً مما يحدث أمامي، نعم لا شيء حقيقياً، السيارات الفخمة، المكاتب الرائعة· أجهزة الاتصال الاسرائيلي، كل شيء كان يبدو مجرد كذبة ومن الممكن أن يتهاوى كل شيء في أية لحظة· لم أكن اعرف أن هذا سيحدث فعلا، كان نوعا ما من النبوءة القاتلة والمرة· لكن أبو أسو لم يحدثني عن شيء عندما زرته في اليوم الذي سبق اجتياح الجيش لأربيل، بل على العكس كان ينظر بتمعن إلى الأغاني التركية على جهاز