رواية "أحداث منتصف النهار" للكاتب والروائي السوداني أسامة رقيعة، الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع عام 2012، ونقتبس من الكاتب: "لا لأحد وانما لشعور ينمو في داخلي تجاه هالة .. هذا الكتاب تنمو أحداثه في سرد لطيف وبسيط تجاه الحب والخير والفضيلة ".
أنت هنا
قراءة كتاب أحداث منتصف النهار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
( 7 )
أحيانًا يخاصمنا الفرح دونما سبب وجيه، ويلملم أطرافه الوثيرة ويرحل ولا يبقى معنا إلا حزن شفيف يشعرنا ببعض التوهان، وكلما حاولنا تحديد مواقفنا من أشياء كثيرة من حولنا، لا ننجح.. فنعود لنبدأ من جديد وسط كومة من الأحداث لا يد لنا فيها، ولكنها دومًا تصنعنا.. وهذا ما حدث لي اليوم وأنا في طريقي إلى مكتبنا فدون سبب معلوم أرى الفرح يلملم أطرافه الوثيرة عني ويرحل ثم لا يبقى معي إلا حزن شفيف.
عند باب المكتب قابلتني سميرة.. وسميرة هذه حدث آخر تمامًا، أو هي شيء مختلف.. فعلى الرغم من أنها رئيس قسم التحصيل لكنها تعتبر الشخص الثاني في هذا المكتب الذي أعمل فيه أنا منذ سـبعة أشهر، ولما رأتني سميرة، أقبلت نحوي تصافحني وتستعرض أمامي جمالها، وصوتها الأنثوي الذي هو مثل علامة (♀) تلك التي تدرس في علم الأحياء لتدل على الأنثى، فصوتها يدل على الأنـثى تمامًا، وهي تعرف ذلك؛ لذلك هي تستخدمه دائمًا لتدل وتثبت للكل أنها أنثى متميزة، وسعيدة، ولكن رغم ذلك يمكنك أن تلاحظ وبسهولة ذاك الأسى واليأس الذي يطل من عينيها، أسى مثل ذلك الذي يطل من عيني سجين حكم عليه بالتأبيد، وهو ما يجعل أنوثتها المفعمة هذه تضيع أمامي خلف ملمح كئيب يجعلني في كثير من الأحيان لا أحتمل الوقوف معها، ولا سماع صوتها، لذلك اليوم بعد أن صافحتها أردتها أن تصمت وتذهب، لكنها قالت بغنج:
- لماذا لا تدعونا لحفلاتكم؟!
نظرت إليها وأنا أغسل صوتها من أذني ثم أستوضحها:
- أي حفلة تقصدين؟
- الفنادق، وأعياد الميلاد..
فهمت أنها تقصد عيد ميلاد هالة ذلك الذي كان بالأمس، فقلت لها وأنا أتقدم خطوتين إلى داخل المكتب:
- أنا أصلاً لم أكن مدعوًّا.
ظلت سميرة تتحدث معي، وثم بعد لأي فهمَتْ أني غير راغب في الحديث معها، ولا سماع صوتها فذهبت عني، ودخلت أنا إلى المكتب،ولما رآني مدحت أمام باب مكتبه حياني واقفًا وهو يصيح كمن يؤدي تحية عسكرية: مالك يا شريف تدخل المكتب من الصباح وكأنك داخل محكمة، ياخي فكها شوية ، فابتسمت، وصافحته، ولم أتحدث معه، بل أخذت ملفًا من طاولته بعد أنْ أومأت له بالإذن، ثم اتجهت إلى مكتبي، وفي الطريق ابتسمت لسبب بسيط: هو أني سمعت جرس التليفون يرن من خلفي على طاولة مدحت..


