يستهل زعرور روايته كاتباً: «كان يجب أن أكون ميتاً. أنا واثق من ذلك ثقتك بوجود خمسة أصابع في كفك اليسرى. نجوت بالصدفة المحضة، وعشت».
قراءة كتاب أرم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كان دائماً شديد الاحتقار لهذا النوع من الأسئلة. يقول: تقتلني المكرورات المعتادة التي فقدت معناها لكثرة استخدامها، إنّها باختصار "لغوصة".
وكنت، في لحظات الصفاء، أسأله على سبيل المناكفة: «كيف حالك» فيردّ ضاحكاً:
«لا أجد ما هو أكثر سوءًا من حالتي سوى حالتك». وأحياناً يقولها بلهجة حانقة وجادّة تذكّره بأنّه كاد ينسى أمرًا مهماً، فيروح يفتّش في جيوبه بطريقة حمقاء عمّا يعتقد بأنّه كان على وشك أن ينساه، ولكنّه، لحسن الحظّ، تذكّره في اللحظة الأخيرة.
«ذكّرني سؤالك الغبيّ، وكنت على وشك النسيان... آه.. ها هي.. وجدتها أخيراً».
يقول ذلك وهو يستخرج من جيبه الداخلي ورقة مطوية بعناية يدفعها نحوي مطبقة بين إصبعيه السبابة والوسطى.
ساعتها كنت أفكّر؛ لا بالورقة التي أجزم بأنّني أعرف محتواها ومضمونها بشكل عام، بل بتلك الطريقة الشاذّة في المناولة باستخدام السبابة والوسطى!
ويدفعني الصمت بعيداً فأتذكّر ما حكاه لي مرّة عن ذلك الدور الخطير الذي لعبه وجود الإبهام في سرعة التطوّر وارتقاء الإنسان. فقد قام هذا التقابل بين الإبهام وبقيّة الأصابع مقام السحر عند الإنسان، وجعل من الكفّ أداة مُثلى لتلقّي الفكرة من الرأس وتحويلها إلى مردود عملي ساهم بدوره في ارتقاء الأداة إلى مستوى الفكرة.
كان هذا هو فحوى نظريّته في شكلّ الكفّ عند الرئيسيات. وها هو يهمل دور الإبهام ويناولني الورقة مطوية بين السبابة والوسطى بطريقة فيها الكثير من الاستخفاف مثل من يتكارم بمناولة النادل ديناراً فوق الحساب.
«لماذا تستخفّ بي؟» أسأله.
فلا يردّ.