يستهل زعرور روايته كاتباً: «كان يجب أن أكون ميتاً. أنا واثق من ذلك ثقتك بوجود خمسة أصابع في كفك اليسرى. نجوت بالصدفة المحضة، وعشت».
قراءة كتاب أرم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
نعم. هذا كلّ ما حدث.
تناولت الورقة من بين إصبعيه، ودون أن أنظر إلى ما فيها، أضفتها إلى الملفّ.
ملفّ بغلاف مقوّى بسماكة كتابين كبيرين تجمّعت فيه مئات الأوراق والقصاصات والمُزق والصفحات تعوّد أن يزورني بها كلّما زارني قائلاً:
-خذ هذه أيضاً ربّما تنفعك.
فآخذها وأضيفها إلى الملفّ. صفحات فوق صفحاتٍ، وقصاصات ونتف أوراق تراكمت بالمئات بعضها مكتوب بعناية، وكثير منها بطريقة سيئة كُتبت على عجل كيفما اتفق، وعلى ما تيسّر له. حتّى على أغلفة علب السجائر والمناديل وكاغد الأكياس الإسمنتية.
ركام من هشيم الملاحظات والنوادر والمواقف والحكايات والحوادث والآراء، ممّا كان يراه جديراً بالتسجيل، تجمّع خلال سنوات صداقتنا الطويلة
كان يعوّل على ذلك الركام كثيراً ويعتبره نواة لعمل روائيّ كبير.
من جهتي لم أكن آخذ المسألة على محمل الجدّ، ولكنّني واصلت عمليّة التجميع نزولاً على رغبته كنوع من الترضية وترطيب جفاف الأيّام.
ذات يوم، وفي لحظة إلهام، أطلق على هذا الركام اسماً موحياً بالفعل، سمّاه "الخميرة".
يومها، وفي نفس الجلسة، قال بلهجته الغامضة التي عُرف بها أثناء تأملاته «بانتظارنا أيّامٌ لا يعلم مداها إلا الله.. أيّامٌ أشدُّ سواداً من قاع القدر».
«لماذا تقول بانتظارنا؟ إنّنا نعيشها واقعاً مرعباً بالفعل».