قراءة كتاب أرم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرم

أرم

يستهل زعرور روايته كاتباً: «كان يجب أن أكون ميتاً. أنا واثق من ذلك ثقتك بوجود خمسة أصابع في كفك اليسرى. نجوت بالصدفة المحضة، وعشت».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
-لا أريد هذا الرجل في بيتي! قالتها بهمس صاخب. أقولها لك للمرّة الألف، لا أريد أن أرى هذا الرجل في بيتي.
 
كانت تتكلّم بهمس بينما إصبعها السبابة يصرخ مهدّداً أمام وجهي.
 
وقطع عليها أزيز مفاصل باب الحمّام ثورة غضبها، فانسحبت بسرعة مثل من يخشى أن يضبط متلبساً، وعادت من حيث أتت قبل أن يعود إلى مقعده مواصلاً ما انقطع من حديث.
 
-ماذا كنّا نقول؟ سأل وهو يفرك إحدى راحتيه بالأخرى.
 
-كنا نقول أنّ زوجتي لا تريد أن تراك في بيتها.
 
-صراحتك الحارّة واحدة من أسباب التصاقي بك. هذه هي الصداقة الحقّة. على كلّ حال هي معذورة في شعورها الفطري بأنّني أفسد عليها زوجها. ومعذورة في قناعتها بأنّك تقف مع الطرف الخاسر. هذه يا صديقي هي طبيعة الفنان الحقيقي. لا بدّ له من دفع الثمن. تلك هي المعادلة: الأخلاق في كفّة والمنفعة في الكفّة الأخرى. المتّجر المساوم يتقبّل الثمن بلا مبالاة في حين يكون العقل المبدع عند درجة الغليان.حياة الدعة والسلامة التي ينشدها الناس العاديون، كالزوجة على سبيل المثال، لا تتحمّل هكذا خسائر. في الجانب الآخر لا تتأتّى أصالة الفنّ إلا من هذا الانحياز تحديداً. يا صديقي نحن في زمن الأنبياء الكذَبَة، زمن الخسران والتضليل والاغتصاب الجماعي، زمن الوجوه الفاضلة التي يصنعها المكياج، زمن فقد الحياء والتسليم الأعمى للصور المنتقاة بمعرفة الخبراء من علماء النفس، زمن الشاشة في صدر البيت تلاحقنا أربعاً وعشرين ساعة في اليوم، تغتصب فينا أكرم ما وهبنا الله من قدرة على التحرّي والمحاكمة.
 
يا صديقي، في عالم يعرف فيه مدير التسويق كلّ شيء، لا يتبقّى للفنّان شيء يعرفه. إنّنا في عصر الفضائيات التي تُلغي العقل نهائياً. فكّر معي للحظة:
 
هل تمتّع الرسل وأنبياء الديانات بمثل ما لدى تجّار الفضائيات من وسائل؟

الصفحات