المجموعة القصصية "ظلال عابرة"؛ قدمت إلى حياتي لتنير قناديلها بعد أن انطفأت بفعل ريح الشتاء العاتية، وبيد الحانية أشعلت فواني الأمل بعد أن صدئت، لتبدد عتمة اليأس التي خيّمت على دنياي الكئيبة.
أنت هنا
قراءة كتاب ظلال عابرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
ثمة قلق يقض مضجعها، وحيرة تطوح بها إلى مواطن بعيدة، وخوف يقذف بها إلى مسارات معتمة!!
حاولت أن تقرب الصور أكثر، وتتهجى أحرف الغموض الذي زرعها في طريقها الملثم الغامض منذ أن امتدت يده لها بالمساعدة منذ خمسة عشر عاماً·
هزت رأسها وهي تحدث نفسها:
من يساعدني شخص أجهله، لا أعلم هل هو يخصني بمساعدته أنا فقط أم أن هذه هي طريقته
مع كل المحتاجين· لم أكن مهتمة للأمر في البداية، ولم أسأل عنه، من حقه علي فقط دعواتي الصادقة النابعة من قلب محروم، وذات مكلومة، ولكن مالفت نظري هو تغير الأشخاص الذين يحضرون لي المساعدة إلا أن هذا الشاب الغامض الملثم الصامت الذي لا يتكلم كثيراً اعتدت على مجيئه منذ ست سنوات، منفردا أو مصحوباً بالسائق الذي يساعده على إنزال المساعدات·
المرة الوحيدة التي تحدث معي فيها حينما حاول أن يذكرني بشرطهم الوحيد لاستمرار المساعدات هو أن أترك خدمة البيوت، وخاصة بعدما وصلهم خبر بأن رب أحد البيوت حاول الاعتداء علي ولم يخلصني منه إلا دخول زوجته في الوقت المناسب، وكان عمري في ذلك الوقت تجاوز السابعة والثلاثون· وقد اضطررت للعمل بعد وفاة والدتي التي تركتني لعواء الريح، ولعتمة الليل، وللهيب الشمس، في أرض فضاء لا بساط ولا غطاء ولا مأوى بعد أن كانت هي الحصن المنيع بجوارها كنت أشعر بالقوة والأمان·
استسلمت لحظة لحزنها، وتركت الحرية لدموعها تنطلق، وقد تمثلت لها تلك الليلة الرمادية الكئيبة لحظة دخول والدتها عليها قبيل الفجر وهي تستنهضها والخوف باديا عليها وهي ترتجف مرتبكة قائلة لها: هيا انهضي دون أن يصدر منك صوت واتبعيني ثم خرجتا من الباب الخلفي وقت هجوع كل من في المنزل دون أن يشعر بهما أحد، وغادرتا المنزل بخطى مسرعات على غير هدى !!
وكان ذلك آخر عهد لها بعائلتها وكان عمرها حينئذ ثمانية عشر عاماً·
ثم غادرتا المدينة إلى إحدى ضواحيها قاصدتين إحدى الهجر المعزولة البعيدة عن أي أحد ممكن أن يقتفي أثرهما، وقد دبرا أمرهما وحياتهما بما تحمله أمها من مال كفاهما لسنوات بالإضافة إلى مساعدة الآخرين لهما، وبعد عشر سنوات عادتا إلى المدينة، وسكنتا في إحدى الأحياء الفقيرة التي لا يمكن أن يستدل عليهما أحد ممن يعرفهما!!


