أنت هنا

قراءة كتاب أنا في الأربعين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أنا في الأربعين

أنا في الأربعين

كتاب "أنا في الأربعين"، للقاصة إيمان النجار، تعالج من خلاله القاصة في مشكلات عدة من ضمنها: مشكلات عائلية والتي شكلت عنوانا لإحدى القصص.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
لوحات بلا ملامح
 
تبدو تلك الوجوه غريبة دون ملامح، تشعر بنقص هائل وأنت تتأملها.
 
كان هذا رأيي وأنا أتأمل المشهد الذي حولي، حجرة اكتظت باللوحات، ووجوه دون تعابير أو ملامح، وطريق طويل حوله أشجار صفراء شاحبة، تسير في وسطه طفلة لم يظهر وجهها، هذا ما كان خلف إطارات لوحاتي، ثم تأملت الحائط الذي يحملها، أحسست بأنه يقف بتأفف وضيق، كأنه محكوم عليه بحمل تفاهاتي وجنوني طوال حياته ما دام منتصباً... لوحاتي بلا ملامح لأني أردت أن أرسم تعابير عجيبة لا تشبه تعابير البشر، ولا تعبر عن أي حالة. لا تعبر عن حزن، لأنها ستكون وثيقة اعتراف بما أردت إنكاره، لا تعبر عن سعادة، لأني لا أريد أن تناقضني تلك اللوحات بل تكون جزءاً مني، لم أرد رسم أي ملامح، لذا رسمت تلك الطفلة موليةً ظهرها لكل شيء.
 
ثم تسلل إلى مسامعي صوت بكاء مكتوم من الشقة التي أسفل شقتي، كنت أسمع صوت أنفاسه اللاهثة، نشيجه المكتوم، شهقاته كأنها شهقات احتضار، كنت أسمع هذا الصوت كل ليلة، مع ذلك كنت أحس بجسدي يرتعش، أنفاسي تختنق، أقاوم رغبة بالبكاء، قلبي يدوي في المكان، وبشعورٍ يحرك دمي، هكذا كنت أشعر عند سماعه، بعد لحظات تختفي كل مشاعري ويحل محلها الفضول، حتى إني في الصباح لم أكن أقاوم الركض نحو النافذة عندما كنت أسمع صوت باب شقته يفتح، كي ألقي نظرة عليه، وأستغرب حينما أرى نظراته التهكمية، وابتسامته الساخرة. تنهدت... وعدت أنظر إلى ما حولي من لوحات، ثم لم ألبث أن اقتربت منها، ورحت أتحسّسها بأصابع متشككة لأتأكد أن الحياة لم تسطُ عليها.
 
أحسست بأني أسمع صوت أنين، لم يكن صوت جاري.

الصفحات