هذا الكتاب يعرض للتضليل والخديعة، التي حاك العدو خيوطها لإفشال مفاوضات كامب ديفيد، بلغة علمية تمسك بكل التفاصيل ولا تغفل مصدراً صحفياً دون أن تفلّيه وتحفر فيه عن الحقيقة التي سرعان ما اهتزت في وعينا وذاكرتنا الضعيفة.
أنت هنا
قراءة كتاب الخداع الإسرائيلي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
انعقاد القمة أسلوب كلينتون في إدارة المفاوضات
فرض الأميركيون عزلة على الوفد الفلسطيني في مفاوضات كامب ديفيد، وفرضوا بشكل خاص عزلة على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات· ومارسوا أثناء العزلة التي استمرت خمسة عشر يوما ضغوطا وإغراءات، ضغوطا معنوية مارسها الرئيس كلينتون شخصيا بما له من وزن معنوي، وإغراءات لعرفات بأنه يعرض عليه دولة مستقلة سيكون هو رئيسها· وكانت الضغوط والإغراءات تستند إلى أن الوفد الإسرائيلي وإيهود باراك بالذات يعرض على عرفات حلا كريما ومتساهلا ويقدم له ما لم يقدمه رئيس إسرائيلي من قبل· ولكن الرئيس الفلسطيني صمد أمام تلك الضغوط، وبقي متمسكا بالثوابت التفاوضية الفلسطينية، ولم يقبل حلا يمس بسيادة الدولة الفلسطينية، أو بالسيادة على مدينة القدس، أو بالسيادة على المسجد الأقصى، ولم يقبل أيضا تجاهل الإتفاق على حق العودة في أي حل مقترح· وتسجل المواقف الفلسطينية ملاحظة أساسية بشأن الموقف الأميركي أثناء المفاوضات، خلاصتها أنه يرفض التمسك بقاعدة الشرعية الدولية كأساس للحل حسب المطلب الفلسطيني، ويسعى إلى إيجاد حل وسط بين قرارات الشرعية الدولية وبين ما تطالب به إسرائيل، وتركزت الضغوط الأميركية على الجانب الفلسطيني باتجاه قبول هذا التوجه في البحث عن صيغة حل(10)·
توجد ثلاث حقائق حول مفاوضات كامب ديفيد:
الأولى: أن القمة عقدت على أساس اقتراح أميركي وافق عليه الطرفان، ينص على أن أية قضية لا تعتبر منتهية إلا بعد الإتفاق على القضايا الأخرى العالقة·
الثانية: اتفق على أن تطلق صفة تفاهمات (وليس اتفاق) على المواقف التي يقدمها طرف ويوافق عليها الطرف الآخر· أي أنها لا ترقى إلى مستوى الإتفاق الرسمي·
الثالثة: إن الإتفاق لا يعتبر رسميا إلا بعد تدوينه في صيغة معاهدة···· وهذا ما لم يحصل في كامب ديفيد(11)
وأكد هذا المنهج في التفاوض ساندي بيرغر مستشار الأمن القومي الأميركي فقال تم الإتفاق على أن لا يعتبر أي شيء منتهيا حتى التوصل إلى إنهاء كل الأمور العالقة(12)
وبعد انتهاء المفاوضات وإعلان فشل القمة، أوضح المسؤولون الفلسطينيون أن الأميركيين فرضوا نهجا على جوهر المناقشات في القمة، خلاصته الفجة، أن الفلسطينيين ليسوا شعبا لديه مقدسات وثوابت ورأي عام، بل هم مجموعة من الناس لهم زعيم، وتحل المشكلة حين يوافق هذا الزعيم على ما يطلب منه، ويكفي استخدام التهديد أو الإغراء للوصول معه إلى هذه النتيجة· واعتقد الأميركيون أن وضع عرفات في حالة نفسية معينة، بعد خمسة عشر يوما من العزل، ووصوله إلى مرحلة من الضيق النفسي، يجعلانه مهيئا للرضوخ للتهديد أو الإغراء، أي أنهم كانوا يرسمون حلا شخصيا لعرفات وليس للشعب الفلسطيني، وكثيرا ما قالوا له: إننا نعطيك دولة· وحتى حين صاغوا بعض الإقتراحات جاءت صياغتهم شخصية، فقالوا له سنعطيك مكتبا في القدس، ومكانا لاستقبال زوارك، ولكنه صمد أمام كل هذه الضغوط النفسية، ولم يقبل بالمنهج الشخصي في الحلول والإقتراحات، وكثيرا ما غضب ورفض بعنف ما اقترح عليه، وكرر لكلينتون أكثر من مرة: هل تريد أن تسير في جنازتي(13)؟