قراءة كتاب صهيل الأسئلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صهيل الأسئلة

صهيل الأسئلة

المجموعة القصصية "صهيل الأسئلة" الصادرة عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
يصير وجهها أشد فظاظة وكأن مارداً جبّاراً يسكن أعماق تلك المرأة الشابة التي تبدو هادئة على الدوام· كانت سيّدة تملك شجاعة خطيرة إذ لم يساورها الخوف للحظة واحدة ولم تعترها الرغبة في التراجع·
 
يندفع أحد الصبيان العاملين في ورشة للميكانيك لنجدتها فيمسك به بعض الرجال قائلين بنبرة هي أقرب إلى الضعف منها إلى الحكمة·
 
- أتريد أن تدفع بنفسك إلى الهلاك ؟ اتركها وشأنها إنّها المسؤولة وحدها عن عنادها ·
 
يتغلغل خوفهم في أعماقها وتجرحها أصواتهم المتبرّمة تشعر من جديد بحركتهم وهم ينفضّون من حولها كعصافير صغيرة لا فائدة من المقاومة· إنه يمتلك سلاحاً خطيراً يردد بعضهم باستسلام مقيت·
 
يزيد تخاذلهم في عنادها· تتفجّر بداخلها شراسة عمياء· تحاول أن تجعل من أظافر يدها الاخرى قوّة تكافئ سكينه المتلاعب حول وجهها فتحرّكها في خفّة حوله باحثة عن منفذ تصل من خلاله إلى وجهه· تتمتم بتصميم في سرّها حتى لو امتلك أسلحة الدنيا كلّها فإني لن أتنازل عن قلادتي
 
يستدير فجأة نحوها· يحدّق فيها للحظة بشفتين مزمومتين تنمّان عن حقد دفين ترى وجهها المتوتر منعكساً في بؤبؤي عينيه الصفراوين يردّد بغيظ وهو يكزّ عن أسنانه البيضاء:
 
- أيتها العنيدة المتوحشة···
 
يفاجئها بلكمات قويّة يسدّدها بوحشيّة إلى صدغها ووجهها فتفقدها توازنها وينزلق جسدها تحته تتتالى لكماته فتتراخى قبضة يدها عن طرف قميصه ويتحرّر أخيراً منها، يرفسها ذلك الخنزير بقسوة أمام مرأى من جميع أولئك الناس الذين قرض الخوف وجوههم وشلّ الجبن حركتهم· تدعكها أقدامه بعنف ثمّ يلوذ بالفرار·
 
تعيد تجميع نفسها بسرعة وتنهض لتلاحقه من جديد وقد تشعّث شعرها وسال الدم من أنفها وتلوّثت بالتراب ثيابها·
 
ركضت ملء قوّتها وصرخت بألم ممض قلادتي ولكنّه وصل في ذلك الوقت إلى رفيق له كان ينتظره على درّاجة نارية في منعطف الشارع· صعد بخفّة وراءه فانطلقت الدرّاجة تشقّ بهما حشود الناس وبدا في تلك اللحظة كل شيء وكأنه مدبّر ومرسوم على نحو مسبّق·
 
جثت على ركبتيها وقد خارت قواها وذابت صلابتها وصارت تبكي بحرقة، اعترتها رعدة خزي لكونها تنتمي إلى سكّان ذلك الشارع لقد كان تخاذل أولئك الجيران أقسى من اعتداء ذلك الغريب عليها· تتذكر وهي في غمرة حزنها تلك الفتاة التي اغتصبها عدد من الشبان بأحد شوارع القاهرة دون أن يتقدم أحد المارة لنجدتها إذ انغلقت أرواحهم فجأة واكتفوا بمتابعة الواقعة وكأنّهم يشاهدون شريطاً سينمائياً مسلّياً ومثيراً·
 
يركض بها الخيال إلى زمن مضى قامت فيه حرب ضروس بين قبيلتين عربيتين دامت أربعين عاماً بسبب الاعتداء على ناقة، أحسّت بمهانة الإنسان داخلها، تحسّرت بألم وتجمّدت تلك اللحظة بأعماقها· ينبثق فجأة أذان الظهر في الفضاء ويجاور صوت المؤذّن نشيجها الداخلي فتسكب نبرة الطهر السكينة في روحها·
 
احتشد الناس من حولها وجعلوا يواسونها متحاشين الاصطدام بنظراتها·
 
- نحن نأسف لما حصل·
 
- ما كان ينبغي أن تتهوري وتخاطري بنفسك·

الصفحات