كتاب "بطاقة دخول إلى حفلة المشاهير"، هل يمكن أن نتخيل حفلة كبيرة لمجموعة من مشاهير الأدب كما يحدث ذلك دوما لمشاهير السينما؟ نحن نشهد بطبيعة الأمر هذه الحفلات في السينما مرات عدة في العام الواحد·
أنت هنا
قراءة كتاب بطاقة دخول الى حفلة المشاهير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

بطاقة دخول الى حفلة المشاهير
الصفحة رقم: 3
مشهد
أجلس في الموضع، أمدد قدمي على الأرض، وأخرج من جيبي كتاب أي جي·
لشدة تعلقي بالقراءة خاطت لي أمي جيبا داخليا في القمصلة العسكرية ليحوي على الأقل كتابا أو كتابين صغيرين أحملهما معي أينما ذهبت، وفي ساعات الاستراحة، أجلس منعزلا عن الجنود وأغرق في كتابي، أغرق في السطور كأني في زمان ومكان آخرين، كأني أعيش في عالم آخر غير العالم الذي أجبرت على الوجود فيه، ومختلف عنه تماما·
القراءة··· كانت امتيازا فادحا حقا، كانت هروبا من عالم إلى عالم آخر·· وهكذا في كل ساعة تقريبا، وحتى تحت القصف الشديد والهلع المروع لهجومات لا حدود لها، كنت أذهب بعيدا، أذهب بسرعة مع الأحداث من غير توقف، متسلحا بقوة الشغف التي تتملكني، كي لا أعود إلى الزمان والمكان اللذين أعيش فيهما·
كنت أتساءل على الدوام: هل كان بطل بروست الشاب، أكثر حكمة، حينما دخل إلى حجرته منعزلا، وغرق في كتبه كي يتفادى رؤية جدته وهي تتألم؟
بعيدا عن تعفن جثث القتلى القادمة مع الهواء الهاب من ساحة المعركة، أو بعيدا عن البارود الذي كان ينفذ إلى أعماقي حتى يجعلني أتقيأ، بل يفتك أحيانا بأحشائي، حتى يصبح التقيؤ أمرا تافها بالقياس لما كنت أشعر به، كنت أذهب إلى العزلة السرية للقراءة، أذهب هناك إلى الألفة المطمئنة، كي أشم من سطور كتابي عبير سوسنة بعيدة، أو رائحة خشب مكتبتي الممسوح بالاسبرتو، أو رائحة الحجر في منزل ما وقد نقعه الماء·
كانت القراءة بديلا حقيقيا عن الضراعة الذهنية التي تعصف بي، كانت نوعا من الافتتان بالانسحاب من حياة تعيسة مقدرة، وتلذذا غير محدود بتشوش الخيال، كنت موجودا بين القتلى، أو الموتى المؤجلين، وحتى أنا كنت مقتولا لا محالة، ولكني أشعر بنفسي جالسا مثل مشمشة برية نبتت خارج أحجار السور·

