المجموعة القصصية "منعطفات خطرة"، للكاتبة والفنانة التشكيلية الأردنية بسمة النمري، الصادرة عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
قراءة كتاب منعطفات خطرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
منعطفات خطرة
الصفحة رقم: 3
فتحت الباب·· رأيتها هناك ·· ممدَّدة على أرض الغرفة فاقدة الحياة، صرخت، لطمت وجهي، نتفت شعري، دققت على صدري وبكيت··، بكيت بحرقة وفاضت دموعي نيران تحرق وجهي وتأتي على آخر أمل لي وتقضي على أي معنىً لاستمرار حياتي بعد (شذى)···
وجاء زوجي، وقف مشدوهاً، فقد جمَّدته المصيبة، انتابته حالة من عدم التصديق لمّا وقعت عيناه على الطفلة، فغر فاه وأسبل جفنيه، بدأ يترنح يكاد يقع، زحفت نحوه، ركعت أمامه، وضعت جبيني على قدميه، أمسكت بساقيه أهزهما وأرجوه أن يقتلني ·· أن يرحمني، وبحت له بكل شيء·
طال صمته، خلته امتد دهوراً، أما زال حياً؟·· رفعت نظري اليه فوجدت حطام رجل، يعتصره الألم، يسحقه العذاب وتذبحه الخيانة من الوريد الى الوريد، خلّص ساقيه من قبضة يدي، حضن ابنته، دفن وجهه في صدرها، أخذ يشتمُّ عنقها، يقبل وجهها بجنون وهو ينتحب كالأطفال، كانت المرَّة الأولى التي أرى فيها دموعه·· توجه نحوي، مدد الطفلة أمامي وقبل أن يذهب قال : لن أقتلك، في موتك حياة لك، وحياتك بعد الآن هي الموت، هذا اختيارك فادفعي الثمن وغاب، معه غاب آخر شعاع في ضوء النهار، وحل الظلام يا بني، جاء ليل طويل·· طويل ليس له آخر ولم يطلع بعده نهار أبداً
كان الصبي يبكي، بللت وجهه الدموع التي سالت وتركت أثراً على كتفها، رفع رأسه ومسح وجهه، انسلَّ من جانبها صامتاً وسار متمهلاً نحو التل، نادته، التفت إليها، سألته : هل تعود لزيارتي؟ ، طأطأ رأسه ولم يجبها وانطلق يعدو صاعداً التل·
كل يوم كانت الغريبة تنتظر الصبي، لكنه لم يعد لزيارتها مرّة أخرى، هجرها مثل كل شيء آخر جميل في حياتها، وما عرفت أبداً أن الصبي ما زال يتردد كل يوم على مكمنه، يتابعها ويحرسها من بعيد، يبكي كلما هزت أرجوحتها الخالية ويشاركها الغناء وهي ترنّم في المساء أغنية العذاب·